وكذا قوله: "لم يكن له طلب أرش".
وقوله: "وهو محطوط عن الشفيع قولًا واحداً" كان الإشارة به إلى هذه الصورة تفارق ما إذا رجع المشتري بالأرش، مع إمكان الرَّد، فهي مختلف فيها.
قال الغزالي: وَلَوْ اشْتَرَى بِكَفٍّ مِنَ الدَّرَاهِمِ لَمْ يَعْرِف وَزْنَهُ وَحَلَفَ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَعْرِفُ وَزْنَهُ فَلاَ شُفْعَةَ (و) إِذِ الأَخْذُ غَيْرُ مُمْكِن.
قال الرافعي: إذا اشترى بكَفٍّ من الدراهم لا يعرف وزنه، أو بِصُبْرَةٍ مِنَ الحِنْطَةِ لا يعلم كيلها فيوزن وتكال ليأخذ الشفيع بذلك القدر، فإن كان ذلك غائباً، فتبرع البائع بإحضاره، أو أخبر عنه، واعتمد قوله فذاك، وإِلا فليس للشفيع أن يكلفه الإحضار ولا الإِخبار عنه، وإن هلك الثمن، وتعذَّر الوقوف عليه تعذر أخذه بالشفعة، فإن أنكر الشفيع كون الشراء بما لا يعلم قدره، نظر إن عين قدراً وقال: اشتريته بكذا، وقال المشتري: إنه لم يكن معلوم القدر، فعن ابْنِ سُريْجٍ أنه لا يقنع منه بذلك، ولا يحلف على نفي العِلْمِ كما لو ادَّعى ألفاً على إنسان، فقال في الجواب لست أدري كم لك عَلَيَّ؟.
فعلى هذا لو أصَرَّ على قوله الأول جعل ناكلًا، وردت اليمين على الشفيع.
والمحكى عن النَّص ومعظم الأصحاب أنه يقنع منه بذلك، ويحلف عليه؛ لأنه محتمل، ويخالف ما إذا ادَّعى عليه ألفاً فإن المدعي هاهنا هو الشِّقْص لا الثمن المجهول وبتقدير صدق المشتري ليس له الأخذ بالشفعة، فكان ذلك إنكاراً لولاية الأخذ، وعلى هذا الخلاف لو قال: نسيت مقدار الثمن الذي اشتريت به، فعلى رأي يجعل قوله: نسيت نكولًا، وترد اليمين على الشفيع، قاله القَاضِي الروياني، وبه قال ابْنُ سُرَيْجٍ، وابنُ أَبِي هُرَيْرَةَ والمَاوَرْدِيُّ وَالقَفَّال وهو الاختيار.
وإن لم يعين قدراً، ولكن ادعى على المشتري أنه يعلمه، وطالبه بالبيان، ففيه وجهان:
أصحهما: عند صاحب "التهذيب" أنه لا تسمع دَعْوَاهُ حتى يعين قدراً، فيحلف المشتري حينئذ أنه لا يعرف.
والثاني: أنها تسمع ويحلف المشتري على ما يقوله، فإن نكل حلف الشفيع على علم المشتري، وحبس المشتري حتى يُبَيِّنَ قدره.
ويحكى عن ابْنِ سُرَيْجٍ وغيره تفريعاً على الأول أن طريق الشفيع أن يعيّن قدراً، فإن ساعده المشتري فذاك، وإلا حلفه على نفيه، فإن نكل استدلّ الشفيع بنكوله، وحلف على ما عينه اتفاقاً، وإن حلف المشتري زاد، وادَّعى ثانياً وهكذ يفعل إلى أن