الثانية: إذا حمل السيل (?) حبات، أو نويات لغيره إلى أرضه، فعليه ردها إلى مالكها إن عرفه، وإلاَّ دفعها إلى القاضي، فلو نبتت في أرضه فوجهان:

أحدهما: أن مالكها لا يجبر على قلعها؛ لأنه يوجد منه تعدٍّ، وعلى هذا هو كالمستعير، فينظر في الثابت أهو شجر أم زرع؟ ويكون الحكم على ما سبق.

وأصحهما: الإجبار؛ لأن المالك لم يأذن فيه، كما لو انتشرت أغصان شجرة المعير إلى هواء داره له قطعها, ولو حمل ما لا قيمة له من نواة واحدة أو حبة، فتنبت فهي لمالك الأرض في وجه؛ لأن التقويم والمالية حصل في أرضه، ولمالك الأصل في وجه؛ لأنها كانت محرمة الأخذ، فعلى هذا في قلع الثابت الوجهان (?) ولو قلع صاحب الشجرة، فعليه تسوية الأرض؛ لأنه قصد تخليص ملكه.

قال الغزالي: الحُكْمُ الرَّابعُ: فَصْلُ الخُصُومَةِ، فإِذَا قَالَ رَاكِبُ الدَّابَّة لِمَالِكِها أَعَرْتَنِيهَا: وَقَالَ المَالِكُ: أَجَرْتُكَهَا فَالقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ زَارعُ الأَرْضِ لِماَلِكِهَا فَالقُولُ قَوْلُ المَالِكِ لأنَّ عَارِيةَ الأَرْضِ نَادِرَةٌ، وقِيلَ في المَسْئَلَتَيَن قَوْلاَنِ بالنَّقَلِ والتَّخْرِيجِ، وَلَوْ قَالَ: بَلْ غَصَبْتَنِيهَا فَالقَوْلُ قَوْلُ المَالِكِ إِذِ الأَصْلُ عَدَمُ الإِذْنِ،، وَلَوْ قَالَ الرَّاكِبُ: أَرْكَبْتَنِيهَا وقَالَ المَالِكُ: أَعَرْتَكَهَا فاَلقَوْلُ قَوْلُ المَالِكِ إِذْ الأصْلُ عَدَمُ الإِجَارِةَ فَيحْلِفُ حَتَّى يَسْتَحِقُّ القِيمَةَ عِنْدَ التَّالفَ، وَجَوَازُ الرُّجُوعُ عِنْدَ القِيامِ.

قال الرافعي: في الترجمة تساهل، فإن فصل الخصومة ليس حكماً للعارية، بخلاف الأحكام السابقة، والمقصود بيان مسائل:

إحداها: إذا قال راكب الدابة لمالكها: أعرتني هذه الدابة، وقال المالك: بل أجرتك مدة كذا بكذا، فأما أن يفرض هذا الخلاف والدابة باقية أو هالكة.

الحالة الأولى: أن تكون باقية، فأما أن يقع الاختلاف بعد مضي مدة لمثلها أجرة، والنص في "المختصر" أن القول قول الراكب مع يمينه، ونص في "باب الزراعة" أنه إذا زرع أرض الغير، ثم اختلفا هكذا أن القول قول المالك مع يمينه، ولإصحاب فيها طريقان.

أحدهما: تقرير النصين؛ لأن الدواب يغلب فيها الإعارة، وفي الأراضي يندر، فصدق في كل صورة من الظاهر معه، وذكر في "الرقم" أن هذا أظهر عند القَفَّال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015