بالأجرة فإن لم يبذلها الثاني يباع، أو يعرض عنهما فيه ما سبق (?).

قال الرَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى في الفصل صورتان (?).

إحداهما: إذا أعار للزراعة، فزرعها ثم رجع قبل إدراك الزرع، نظر إن كان مما يعتاد قطعه كلف قطعه، وإلاَّ فقد ذكرناه للمعير خصالًا عند رجوع في البناء والغراس، واختلف الأصحاب هاهنا. فعن صاحب "التقريب" وجه: أن له أن يقلع، ويغرم أرش النقصان تخريجًا مما إذا رجع في العارية، المؤقتة للبناء قبل مضي المدة.

وعن القاضي الطبري أنه يملكه بالقيمة، وظاهر المذهب أنه ليس كالبناء في هاتين الخصلتين؛ لأن للزرع أمدًا ينتظر والبناء والغراس للتأبيد، فعلى المعير إبقاءه للمستعير إلى أوان الحصاد ثم فيه وجهان:

أحدهما: ويحكى عن المُزَنِيَّ، واختاره القاضي الروياني (?) أنه يبقيه بلا أجرة؛ لأن منفعة الأرض إلى الحصاد بالزرع، وأصحهما -وهو المذكور في الكتاب- أنه يبقيه بالأجرة لأنه إنما اباح المنفعة إلى وقت الرجوع فصار كما إذا أعاره دابةٍ إلى بلد، ثم رجع في الطريق عليه نقل متاعه إلى مأمن بأجرة المثل، ولو عين المعير للزراعة مدة، فانقضت المدة، والزرع غير مدرك، نظر أن كان ذلك لتقصيره في الزراعة بالتأخير، قلع مجاناً، وإلاَّ فهو كما لو أعاره مطلقاً وإن أعار للغسيل، قال الشيخ أبو محمد: إن كان ذلك مما يعتاد نقله، فهو كالزرع، وإلاَّ فكالبناء.

فرع: قال في "التهذيب" إذا أعار للزراعة مطلقاً لم يزرع إلاَّ زرعًا واحداً، وكذا لو أعار للغراس، فغرس وقلع لا يغرس بعده إلاَّ بإذن من جديد، وهذا بين أن المعنى من قولنا فيما إذا أعار للبناء أو الغراس مطلقاً يبني ويغرس ما لم يرجع المعير؛ لأن البناء المأذون فيه جائز له ما لم يرجع، والمأذون فيه هو البناء مرة واحدة إلاَّ إذا كان قد صَرَّح له بالتجديد مرة بعد أخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015