لأن الإعارة معونة شرعية جوزت للحاجة فلتكن على حسب الحاجة، ولا حاجة إلى الإعارة المرسلة، وعلى هذا فلو قال: أعرتك كذا لتفعل به ما بدا لك، أو لتنتفع به كيف شئت؟ فوجهان (?) على الوجه الأول للمستعير أن ينتفع به كيف شاء لإطلاق الإذن وقال القاضي الروياني ينتفع به على العادة فيه، وهذا أحسن، والله أعلم بالصواب.

قال الغزالي: الحُكْمُ الثَّالِثُ: جَوَازُ الرُّجُوعِ عَنِ العَارِيةَ، إِلاَّ إِذَا أَعَارَ لِدَفْنِ مَيِّتْ فَيمَتْنعُ نَبْشُ القَبْر إِلَى أنْ يَنْدَرِسَ أَثَرُ المَدْفُونِ، وإِذَا أَعَارَ جِدَارًا لِوَضْعِ الجُذوع عَلَيْهِ فَلاَ يَستَفِيدُ بِالُّرجُوعِ قَبْلَ الاِنْهِدَامِ شَيْئًا إِذْ لاَ أجرةَ لَهُ حَتَّى يُطَالَبَ بِهِ وَلاَ يُمْكِنَ هَدْمُهُ والطَّرفُ الآخَرُ في خَاصَّ مِلكِ الجَارِ.

قال الرافعي: الأصل في العارية الجواز حتى يجوز للمعير الرجوع متى شاء، وللمستعير الرد متى شاء؟ لأنه مبرة وتبرع، فلا يليق بها الالتزام فيما يتعلّق بالمستقبل، ولا فرق بين العارية المطلقة والمؤقتة.

وعن مالك أنه لا يجوز الرجوع في المؤقتة، واستثنى الأصحاب من الأصل المذكور صورتين:

إحداهما: إذا أعار أرضًا لدفن ميت.

قال في "النهاية" فدفن ولم يكن له الرجوع ونبش القبر إلى أن يندرس أثر المدفون لما من النبش في هتك حرمة الميت.

وقال في "النهاية" وله سقي الأشجار التي فيها إن لم يُفْض إلى ظهور شيء من بدن الميت، وله الرجوع قبل الحفر، وبعده ما لم يوضع فيه الميت.

قال في "التتمة" وكذا بعد الوضع ما لم يواره التراب وذكر أن مؤنة الحفر إذا رجع بعد الحفر، وقبل الدفن على ولى الميت، ولا يلزمه الَّطمِّ (?).

واعلم أن الدفن في الأرض إحدى منافعها كالبناء والغراس (?)، وقد ذكرنا خلافاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015