فإن قلنا: له الرجوع قبل أن يقبض البَائِع مال الحوالة [ممن له أن يقول: اغرم لي وله، أو يقول تسهيلاً خذه ثم اغرم لي، فإن قلنا: لا رجوع له قبل أن يقبض مال الحوالة فله] (?) أن يقول: خذه لتغرم لِي، وإن رضيت بذمته فشأنك، فاغرم لي.
والثاني: هو الأشبه أن معناه أن له مطالبته بتحصيله. إن قلنا: لا رجوع عليه قبض أن يقبض.
أو يتسلم بَدَله إليه في الحال. إن قلنا: إنه يرجع إليه قبل القبض.
وعلى التقديرين فيصح إعلام قوله: (فللمشتري مطالبة البائع) بالواو لما قَدَّمْنَا من الوَجْهِ البعيد.
وقوله: (لأن الحوالة انفسخت والإذن الذي كان ضمناً له لا يقوم بنفسه) ظاهر هذا التوجيه ربما يشكل بما إذا فسدت الشَّرِكة، أو الوكالة فالإذن الضمني يبقى، ويصح التصرف على ما سيأتي في موضعه -إن شاء الله تعالى- ويمكن أن يقال: الحوالة تنقل الحَقّ إلى المُحْتَال، فإذا صَارَ الحق له مِلْكاً قبضه لنفسه بالاستحقاق، لا للمحيل بالإذْنِ، وهما عقدان مختلفان فَبُطْلاَن أحدهما لا يفيد حصول الآخر بخلاف الشركة والوكالة فإن التصرف هُنَاك واقع للإِذْنِ، فإن بطل بخصوص الإذْنِ، جاز أن يبقى عُمُومه، وهذا ما سبقت الإِشَارَةُ إليه.
فرع: قال ابْنُ الحَدَّادِ في "المولدات": إذا أحال الزوج زوجته على غريمه بالصداق ثم طلق قبل الدُّخُولِ لم تبطل الحَوَالة، وللزوج أخذها بنصف المَهْرِ، قال من شرح كتابه: المسألة تترتب على ما إذا أحال المُشْتَرِي البائع على غريمه.
إن قلنا: لا تبطل الحوالة هناك، فهاهنا أولى، وإن قلنا: تبطل، ففي البطلان في نِصْفِ الصداق هاهنا وجهان، والفرق أن الطلاق سبب حادث، ولا استناد له إلى ما تقدم، بخلاف الفَسْخُ والصَّدَاقِ أثبت من غيره، ولهذا لو زاد الصَّدَاقُ زيادةً مُتَّصِلَة لم يرجع في نصفه إلا بِرضَاهَا، بخلاف ما إذا كانت في البيع، ولو أحالها ثم ارتدت قبل الدّخُولِ أو فسخ أحدهما النكاح بعيب آخر ففي بطلان الحوالة هذان الوَجْهَان، والأظهر أنها لا تبطل، ويرجع الزَّوْجُ عليها بنصف الصَّدَاقِ في صورة الطَّلاَقِ، وبجميعه في الردة، والفسخ بالعيب، وإذا قلنا: بالبطلان، فليس لها مطالبة المحال عليه وتطالب الزوج بالنِّصْفِ في الطَّلاق، أي ولا تطالب بشيء في الرّدَّة ولا بالعيب، كذا قاله الشِّيْخُ أَبُو عَلِي، والمسألة جميعها من كلامه.