بالعيبِ فإنه لا يبطل الاستبدال، بل يرجع بمثل الثمن على أن القاضيين أبا الطَّيِّبِ والرّويَانِي منعَا هذه المسألة، وجعلاها كمسألة الحوالَة، وقد تقدَّمَت المسألة في فُصُولِ الرد بالعيب.

والطريق الثاني وبه قال أبو إسحاق وابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وأَبُو الطَّيِّبِ بْنُ سَلَمَةَ: القطع بالبطلان، وتكلم هؤلاء فيما نقل عن "الجامع الكبير"، فعن القَاضِيَ أَبِي حَامِدٍ أنه قال: نظرت في نسخ منه فلم أجد خلاف ما في "المختصر".

والثالث: وبه قال صاحب "الإفصاح": القطع بعدم البُطْلاَن، وربما أوَّلَ أصحاب الطريقين الآخرين، وجمعوا بين نَصَّيِ المزني بوجوه:

أحدها: حمل ما في "المختصر" على ما إذا كان العيب بحيث لا يمكن حدوثه في يَدِ المُشْتَرِي، أو كان يمكن حدوثُه إلا أن إلبائع أَقرَّ بِقَدِمِهِ، وحمل ما في "الجَامِع" على ما إذا ثبت قِدَمُه بالبينة وَرَدَّه، والفرق أن في الحالة الأولى اعترف البائع بسقوط الثَّمَنِ عِنْد الفسخ.

وأما في الحالة الثانية، فإنه يزعم بقاء حقه واستمرار الحوالة، فلا يمنع من مطالبة المُحَالِ عَلَيْهِ بدعوى المشتري.

والثاني: حمل الأولى على ما إذا ذكر للمحال عليه أنه يحيله عن جهة الثمن، وحمل الثاني على ما إذا لم يذكر ذلك، فإنه إذا لم يذكر لا يَنْبَغِي أن يعود إليه؛ لبراءة ذمته عن حقه ظاهراً.

والثالث: أن نَصَّ البُطْلاَن مفرع على أن الحوالة تفتقر إلى رضي المُحَالِ عَلَيْهِ، فإن الحوالة له حينئذ تتم بالثَّلاثة، فلا تنقطع بموافقة اثنين.

والرَّابع: حَمْلُ نَصِّ البُطْلاَن على ما إذا كانت الحوالة على من لاَ دَيْن عليه، ورضى المُحَال عَلَيْهِ، فإنه إذا سقط الثمن انقطع تطوعه، وسقطت المطالبة عنه، ثم هاهنا نظران:

أحدهما: هل تفترق الحال بين ما إذا كان الرد بالعيب بعد قبض المبيع أو قبله؟ حكى صاحب "النهاية" عن بعض الأصْحَاب أن محل الخِلاَف ما إذا كان الرد بعد قبض المبيع فإن كان قبله انقطعت الحوالة بلا خِلاَفٍ، لِكون المبيع معرض للانفساخ وعدم تأكده، ولهذا جعلنا الفَسْخَ قبل القَبْضِ، رداً للعقد من أصله عَلَى رأي، ثم زيف ذلك وقضى بطرد القَوْلَيْنِ في الحالين.

وهذا قضية إطلاق عامة الأَصْحَاب، واعلم أن قضية الطريقين معاً تجويز الإحالة بالثمن قبل قبض المبيع لكنه قبل قبض البيع غير مستقر، وقد اشتهر في كتب السَّلَفِ من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015