والمرتهن على ترك السَّقْي جاز بخلاف عَلَفِ الحيوان، وحكى الرُّوياني على بعض الأصحاب، أنه يجبر عليه كما يجبر على عَلَفِ الحيوان، وادَّعى أنه الأصح، وإذا أراد أحدهما قَطْع الثمرة قبل أَوَانِ الجُذَاذ فللآخر أن يمتنع منه، وبعد أوان الجُذَاذ ليس له ذلك، بل يباع في الدَّيْن إنْ حلّ وإلاَّ أمسكه رهناً.
فرعان:
أحدهما: الشجرة الَّتي تثمر في السنة مرتين، يجوز رهن ثمرتها الحاصلة بالدين الحال والمؤجل الذي يحل قبل خروج الثمرة الثانية، وقبل اختلاطها بالأولى، وإلاَّ فإنْ شرط أنْ لا تقطع عند خروج الثَّانية لم يصح، وإنْ شرط قطعها صح، وإنْ أطلق فقولان، فإنْ صححا أو رهن بشرط القَطْع، ثم لم يَتَّفق القَطْع حتى حصل الاخْتِلاَط، ففي بطلان الرَّهن قولان، كالقولين في البيع إذا عرضت هذه الحالة قبل القَبْض والرَّهْن بعد القبض كالبَيْع قبله، لأن المرتهن إنما يتوثق بعد القبض، فهو والمرهون عنده كالبائع والمَبِيْع محبوس عنده. فإنْ قلنا: يبطل الرَّهْن فذاك.
وإنْ قلنا: لا يبطل، فلو أنفق قبل القبض بطل، وفيه وجه سيأتي نظيره فيما إذا تَخَمَّر العصير قبل القبض، وإنْ لم يبطل، فإنْ رضي الراهن بأنْ يكون الكُلّ رهناً أو توافقا على أن يكون النِّصف من الجملة مثلاً رهناً فذاك، وإنْ تنازعا في قدر المرهون، فالقول قول الرَّاهن مع يمينه، كما لو اختلطت الحِنْطَة المرهونة بِحِنْطَة أخرى للراهن.
وقال المزني: القول قول المرتهن مع يمينه؛ لأن اليد له كما لو تنازعا في ملك.
وأجاب الأصحاب بأن اليد تدل على الملك دون الرهن، أَلاَ ترى أنه لو قال: مَنْ في يده المال رهنتنيه، وأنكر المالك كان القول قوله.
وذكر الروياني في مسألة الحنطة، إن طرد الخلاف محتمل لتعذُّر الفرق.
الثاني: إذا رهن زرعاً بعد اشتداد الحَبّ، نظر إن كان ترى حَبّاته من السُّنْبُلَة صح، وإلاَّ فقولان كما في البيع.
والأصح: المنع.
ولو رهنه وهو بقل فهو كما لو رهن الثمرة قبل بدو الصلاح.
وعن صاحب "التلخيص": أنه لا يجوز إذا كان الدَّيْن مؤجلاً قولاً واحداً، وإنْ صح بشرط القطع عند المحل؛ لأن الزرع لا يجوز بيعه إذا تسنبل، وقد يتفق الحُلُول في تلك الحالة؛ ولأن زيادة الزَّرع بالطول، فهي كثمرة تحدث وتختلط بالمرهون، وزيادة الثمرة بكبر الحَبَّة فهي كالسمن.