قال الرافعي: إذا كان لقرْبه ماء، لكنه يخاف من السَّعي إليه علي نفسه من سَبُعٍ، أو عَدُوٍّ أو على ماله المُخْلَفِ في المنزل، أو الذي معه من غاصب، أو سارق فله التيمم، وهذا الماء كالمعدوم، وكذلك الحكم لو كان في السّفينة، ولا ماء معه وخاف على نفسه لو اسْتَقَى من البَحْرِ، والخوف على بعض الأعضاء كالخوف على النَّفْس، ولو خاف الوحدة والانقطاع عن الرّفقة لو سعى إلى الماء، فإن كان عليه ضَرَرٌ وَخَوْفٌ في الانقطاع لم يلزمه السَّعي إليه ويتيمم، وإن لم يكن ضرر فكذلك على أظهر الوجهين، وإن كان الماء لغيره فوهبه منه، فهل عليه قبوله؟ فيه وجهان المذهب أنه يجب، وهو الذي ذكره في الكتاب؛ لأنه والحالة هذه يعد واجداً للماء، والمُسَامحة غالباً في الماء فلا تعظم منَّة في قبوله بخلاف ما لو وهب منه الرَّقبة لا يلزمه قبول، لأنها ليست في محل المسامحة غالباً.

والثاني: أنه لا يلزمه (?) القبول؛ لأنه نوع يكسب للطَّهارة، فلا يلزمه كما لا يلزمه اكتساب ثمن الماء، ولو أعير منه الدَّلو، أو الرَّشَاء وجب قبوله؛ لأن الإعارة لا يعظم فيها المنَّة، والقادر على قبولها لا يعد فاقداً للماء هكذا أطلقه الأكثرون، ومنهم صاحب الكتاب، وفصل بعضهم.

فقال: إن لم تزد قيمة المسُتَعَار على ثمن مثل الماء وجب القبول، وإن زادت فلا؛ لأن العارية مضمونة، وقد يتلف فيحتاج إلى غَرَامَةٍ ما فوق ثمن الماء، ولو اقترض الماء وجب قبوله في أصح الوجهين؛ لأنه إنما يطالب عند الوجدان، وحينئذ يهون الخروج عن العهدة، ولو بيع منه الماء وهو لا يملك الثَّمَنَ، لكنه وهب منه فقد أطلق القول في الكتاب بأنه لا يلزمه قبوله، لأن المِنَّة تثقل فيه كما لا يلزم على العَمَارِي قبول الثَّوب. وحكى بعض الأصحاب فيما إذا وهبه الأب من الابن، أو العكس وجهين، كالوجهين فيما إذا بذل الابن لأبيه، أو بالعكس، المال في الحَجِّ، هل يلزمه وهل يصير مستطيعاً به؟ وهذا حسن لكن الأظهر ثم إنه لا يجب القَبُول، فيجوز أن يكون إطلاق الجواب هاهنا جرياً على الأظهر، واقتصاراً عليه وَهِبَةُ آلات الاسْتِقَاء، كالدَّلْو والرِّشَاء، كهبة ثمن الماء في الحُكْمِ، ولو اقترض منه الثمن فإن كان معسراً لم يلزمه الاستقراض، وإن كان موسراً لكن المال غائب عنه فكذلك في أظهر الوَجْهَيْنِ، بخلاف ما إذا استقرض منه الماء، لأن الماء في محل المُسَامَحَةِ، والقدرة عليه عند توجه المطالبة أظهر وأغلب.

ولو بيع منه الماء نَسِيئَةَ، وهو موسر، لزمه الشراء على أظهر الوجهين؛ لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015