الرُّخَصِ فلا يُنَاط بالمعاصي بخلاف ما إذا كان الصب قبل الوقت، فإنه لا يقضي، وبخلاف ما إذا كان الصب لغرض، فإنه معذور، ولو اجتاز بماء في الوقت ولم يتوضأ، ثم بعد عنه وصلى بالتيمم، فالذي ذكره في الكتاب يشعر بالقطع، بأنه لا قضاء عليه، وكذلك أورده صاحب "التهذيب" وغيره: والفرق أنه لم يصنع شيئاً هاهنا، وإنما امتنع من التَّحْصيل والتَّقْصير في تفويت الحاصل أشد منه في الامتناع من تحصيل ما ليس بحاصل، ورأيت في كلام الشيخ أبي محمد طرد الوجهين في سورة الاجتياز وهو غريب. ولو وهب الماء في الوقت من غير حاجة ولا (?) عطش [للمتهب] (?) أو باعه من غير حاجة إلى ثمنه، ففي صحة البيع والهبة وجهان:

أشبههما: المنع؛ لأن البدل حرام عليه فهو غير مقدور على تسليمه شرعاً.

وثانيهما: الجواز، لأنه مالك نافذ التَّصرف، والمنع لا يرجع إلى سبب يختص بالعقد فلا يؤثر في فساد العقد. فإن قلنا بصحة البيع والهبة، فحكم قضاء الصلاة على البائع والواهب ما ذكرنا في الصّب؛ لأنه فوته بإزالة الملك عنه.

وإن قلنا بعدم الصحة فلا يصح تيمُّمه ما دام الماء في يد المُبْتَاعِ، أو الموهوب منه، وعليه الاسْتِرْدَاد إن قدر، فإن لم يقدر وتيمم، قضى وإن تَلَف في يده وتيمم ففي القضاء الخلاف المذكور في الإراقة، لأنه إذا تلف بالماء صار فاقداً عند التيمم، ثم إذا أوجبنا القضاء في هذه الصُّورة ففي القدر المقنضي ثلاثة أوجه:

أصحها: أنه يقضي تلك الصلاة الواحدة التي فوت الماء في وقتها.

والثاني: يقضي أغلب ما يؤديه بوضوء واحد.

والثالث: كل صلاة صَلاَّها بالتيمم (?) -والله أعلم-.

قال الغزالي: (السَّبَبُ الثَّانِي) أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ مِنْ سَبُعِ أَوْ سَارِقِ فَلَهُ التَّيَمُّمُ وَلَوْ وُهِبَ مِنْهُ المَاءَ أَوْ أُعِيرَ مِنْهُ الدَّلوُ يَلزَمُهُ القَبُولُ بِخِلاَفِ مَا إِذَا وُهِبَ (ز) ثَمَنُ المَاءِ أَوِ الدَّلوَ فَإِنَّ المِنَّةِ فِيهِ تَثْقُلُ، وَلَو بِيعَ بِغَبْنِ لَمْ يَلْزَمهُ شِرَاؤُهُ وَبِثَمَنِ المِثْلِ يُلْزَم إِلاَّ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَينٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوِ احْتَاجَ إِلَيْهِ لِنَفَقَةِ سَفَرِهِ، وَالأَصَحُّ أَن ثَمَنَ المِثْلِ يُعْرَفُ بِقَدْرِ أُجْرَةِ النَّقْلِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015