ووجهه الجري على قياس الخصومات، فإنَّ يمين الإثبات لاَ يُبْدأ بها في غير القسَامة، وهل يتصرف بتخريج قول ما نحن فيه في مسألة الدار أيضاً؟ قال الأكثرون: نعم، حتى يكون قولان بالنقل والتخريج. وقال الشيخ أبو حامد والإمام: لا، وهو الحق لأن كل واحد منهما لا يحتاج فيما في يده إلى الإثبات، واليمين على الإِثبات يَمين الرد، فكيف يحْلِف الأول يمين الرد وصاحبه لم ينكل بعد، وكيف يَحْلِفُهاَ الثاني وقد حَلَفَ صاحبه. التفريع: إن اكتفينا بيمين واحدة يجمع فيها بين النفي والإثبات، فإذا حلف أحدهما ونكل عن الثَّاني، قضى لِلْحَالف سواء نكل عن النَّفْي والإِثْبَات جميعاً، أو عن أحدهما، والنكول عن البعض كهو عن الكل وينبغي أن يقدم النَّفي على الإِثبات؛ لأن النفي هو الأصل في الأَيْمَان. وعن الإِصْطَخريّ: أنَّ الإثبات مقدم؛ لأنه المقصود وهذا الخلاف في الاستحباب أو الاستحقاق.

والأظهر: الأول، ونقل الإمام الثّاني.

وإن قلنا: يَحْلِف أَوَّلاً على مجرد النفي، فلو أضاف إليه الإثبات كان لَغْواً، وإذا حَلَفَ مَنْ وقعت البداية به على النَّفي عرضت اليمين على الثاني، فإن نكل حلف الأول على الإثْبَات وقضى له، وإنْ نكل عن الإثبات لم يقض له لاحتمال صدقه في نفي ما يدعيه صاحبه، وكذبه فيما يدعيه. ثم عن الشيخ أبي محمد أنه كما لو تَحَالفا، لأن المَرْدُودة عليه عن يمين الرِّدِّ نازلة في الدَّعَاوَى منزلة حلف النَّاكِلِ أَوَّلاً، ولو نكل الأول عن اليمين حلف الآخر على النَّفْي والإِثْبات وقَضَى له ولو حلفا على النَّفْي فوجهان:

أصحهما وبه قال الشيخ أبو محمد: أنه يكفي ذلك، ولا حاجة بعده إلى يمين الإِثبات؛ لأن المُحوْج إلى الفسخ جَهَالة الثَّمَن وقد حصلت.

والثَّاني: أنه تعرض يمين الإِثْبَات عليهما، فإن حلفا تمَّ التَّحالف، وإن نكل أحدهما قضى للحالف، والقول في أنه يقدم يمين النَّفْي أو الإثبات بما ذكرنا على تقدير الاكْتِفَاء بيمين واحدة، ولو عرضت اليَميْنُ عليهما فنكلا جميعاً فيه وجهان للإمام:

أحدهما: أن تَنَاكُلهما كتحالفهما، كما أنه إذا تداعى رجلان مولوداً كان ذلك كتحالفهما.

والثاني: أنه يوقف الأمر وكأنهما تركا الخصومة (?).

قوله في الكتاب في المسألة الأولى: (وقيل: إنه يَبْدَأ بالمشتري وهو مخرج) إنما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015