أحدهما: أنَّ أثر تحالف الزوجين، إنما يظهر في الصَّدَاق دون البُضع، والزوج هو الذي ينزل عن الصداق فكان كالبائع له.

والثاني: أن تقديم البائع إنما كان لقوة جانبه بحُصُول المبيع له بعد التحالف وفي النِّكَاح يبقى البُضْعُ للزوج.

وأما نصه في "كتاب الدَّعَاوَى" فستعرف تأويله إن شاء الله تعالى.

إذا قلنا بطريقة إثبات الخلاف، فإن قدمنا البائع لم يخف من ينزل منزلته في سائر العُقُود وفي الصَّدَاق يأتي وجهان:

أحدهما: أن البداية بالمرأة لِمَا مَرَّ وَإِنْ قدمنا المشتري، نقله صاحب "التهذيب" وغيره. وأوفقهما للنص: أن البداية بالزوج لِمَا مَرّ، وإنْ قدمنا المشتري فالقِيَاسُ انْعكاس الوجهين والله أعلم.

ثم هاهنا أمران:

أحدهما: أن جميع ما ذكرناه في الاسْتِحْباب دون الإيجاب، والاشتراط نص عليه الشَّيخ أبو حامد وصاحب "التهذيب" و"التتمة"، وهو أحد ما حمل عليه نصه في الدَّعَاوى.

والثَّاني: أنَّ تقديم أحد الجَانِبَيْن مخصوص بِمَّا إذا بَاعَ عرضاً بثمن في الذّمة.

فأما إذا تَبادلا عرضاً بعرض فلا تتجه إلاَّ التسوية ذكره الإمام، وينبغي أنْ يخرج ذلك على أنَّ الثَّمَن ماذا؟ وقد سبق الخِلاَف فيه.

المسألة الثَّانِية في تعدد اليمين وصفتها: ظاهر نَصّ الشَّافعي -رضي الله عنه- الاكتفاء بِيَمين واحدة من كل واحد من المُتَعَاقدين يجميع فيها بين النَّفْي والإِثْبات، فيقول البائع: ما بعت بخمسمائة وإنما بعت بألف، ويقول المشتري: ما اشتريت بألف وإنَّمَا اشتريتُ بخمسمائة، ولو كان في يد رجلين دَارٌ فادَّعى كل واحد منهما أن جميعها له فالنص أن كل واحد منهما يحلف على مجرد نفي استحقاق صاحبه ما في يده، فلو حلف أحدهما ونكل الآخر فالحالف يحلف يميناً أخرى لِلإِثْبَات، وللأصحاب فيهما طريقان:

أصحهما: تقريرُ النَّصَّين، والفرق أن منفي كل واحد منهما في ضِمْن مثبته، لأن العقد واحد بالاتِّفَاق والتَّنَازع في صِفَتِه فكأن الدعوى واحدة فجاز التَّعرض في اليمين الوأحدة للنفي والإثبات، وفي مسألة الدَّار منفى كل واحد منهما ممتاز عن مثبته، فلا معنى لِيَمِيْنِهِ على الإِثْبَات قبل نكول صَاحِبِه.

والثاني: التصرف بتخريج قول من مسألة الدار، فيما نحن فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015