خِلاَفٌ، وَوَجْهُ الفَرْقِ النَّظَرُ إلَى جَانِب مَنْ حَصَّلَ الرُّطَبَ فِي مِلْكِهِ؛ لأَنَّ الرُّطَبَ مَحَلُّ الخَرْصِ الَّذِي هُوَ خِلاَفُ القِيَاسِ، هَذَا فِي الرُّطَبِ بالتَّمْرِ، فَأَمَّا فِي الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ فَفِيهِ خِلاَفٌ، وَكَذَا فِي غَيْرِ المَحَاويج إِذَا تَعَاطَوا (ح) العَرَايَا.
قال الرَّافِعِيُّ: عن جابر -رضي الله عنه "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ: بَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ، إِلاَّ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرُيَّةِ" (?).
بيع العَرَايا (?) جائز، وهو أن يبيع رطب نخلة أو نَخْلَتَيْن باعتبار الخَرص بقدر كيله من التَّمْر سميت عَرِيّة؛ لأنه عرى أي أفرد نخله أو نخلتين ببيع رطبها (?)، وذهب مالك وأبو حَنِيفة إلى أنَّ العَرِيّة أن يفرد نَخْلة أو نخلتين، فيهب ثمرتها لرجل حتى تجتنى كل يوم ثُم تَنْثَرم بدخوله حائطه فعند مالك يشتريها منه بخَرْصِها تَمْراً، ولا يجوز ذلك لغير رَبِّ البُسْتَان، وعند أَبِي حَنِيفَة له أن يستردها منه، ولَه أن يُعْطيه بِخَرْصِهَا تمراً، وساعدنا أحمد على تفسير العَرِيّة إِلاَّ أن عنه رواية أن الرّطب يباع بمثله تمراً.
لنا ما روي عن بن أبي حثمة -رضي الله عنه- "أَنَّه -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بالتَّمْرِ إِلاَّ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا تَمْراً يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَباً" (?).
ولا تجوز العَرَايَا من غير خَرْصٍ، وسبيل الخَرْص ما ذكرناه في الزَّكَاة، ويجب التَّقَابُضُ في المَجْلس بتسليم التَّمْر إلى البائع بالكَيْل، وتَخْلِيَة البائع بينه وبين النَّخْلَة، وإن كان التَّمر غائباً عنهما أو كانا غائبين عن النَّخْل فأحضراه أو حضر عندها جاز، ثم إن لم يظهر تَفَاوت بين التَّمْر المجعول عوضاً وبين ما في الرطب من التمر بأن أكيل الرطب في الحال فذاك، وإن ظهر تفاوت، نظر إن كان قدر ما يقع بين الكَيْلَين لم يضر وإن كان أكثر فالعَقْد باطل، وفيه وجه أن يَصحّ في الكثير بقدر القليل، ولمشتري الكثير الخيار إذا لم يسلم له الجَمِيع، ويجوز بيع العَرَايا في العِنَب، كما يجوز في الرُّطب وفي سائر الثِّمار قولان:
أصحهما: المنع، لأنها متفرقة مستورة بالأوراق، فلا يتأتَّى الخَرْص فيها، وثمرة