فالمُحَاقَلَةُ: أن يبيع الرجل الزرع بمائة فرق من الحِنْطة.
والمُزَابَنَة أن يبيع التمر على رُؤوس النَّخل بما به فرق من تمر فهذا التَّفْسير إن كان من النبي -صلى الله عليه وسلم- فذاك، وإن كان من الرَّاوي فهو أعرف بتفسير ما رواه (?).
والمُحَاقَلَة: مأخوذة من الحَقْل، وهي السَّاحَة الَّتي تزرع، سميت مُحَاقَلَة لتعلّقها بزرع في حَقْل. والمُزَابَنَة مأخوذة من الزَّبْن، وهو الدَّفع سميت بذلك؛ لأنها مبنية على التَّخْمِين؛ والغَبْن فيها ممَّا يكثر فيريد المَغْبُون دفعه، والغابن إمضاءه فيتدافعان والمعنى أَنَّ كل واحد منهما يبيع مال الرِّبا بجنسه من غير تَحْقيق المساواة في المِعْيَار الشَّرْعي؛ لأن المعيار فيهما الكيل، ولا يمكن كيل الحِنْطة في السَّنَابل، ولا كيل الرّطب على رؤوس النَّخل، والتخمين بالخَوْص لا يغني، كما لو كان كل واحد منهما على وجه الأرض، وفي المُحَاقَلَة شيئان آخران:
أحدهما: أنه يبيع الحِنْطة والتَّبْن بالحِنْطة.
والثاني: أن المقصود مُسْتَتر بما ليس من صلاحه، ولو باع الشَّعير في سُنْبُله بالحِنْطَة على وجه الأَرْض، أو الرّطب على رأس النَّخْل بجنس آخر من الثِّمَار على الشجر، أو على وجه الأرض فلا بأس لكن يتقايضان بالتَّسْليم فيما على وجه الأرض، وبالتخلية فيما على الشَّجر، ولو باع الزرع قبل ظُهور الحَبّ بالحب فلا بأس أيضاً، لأن الحَشِيش غير مَطْعُوم.
ويجوز أن يُعَلّم قوله: فهي المحاقلة وقوله: فهي المزابنة بالميم لأن عن مالك أن المُحَاقَلَة هي إِكْتراء الأرْض ببعض ما يخرج منها من الثُّلث أو الربع أو غيرهما.
والمُزَابَنَة هي ضَمَان الصُّبْرَة بقدر معلوم، بأن يقول أَضْمن لك صُيْرَتك بكذا صَاعاً، إن زاد فلي وإن نقص فعلي، ويستثّنى عن المُزَابَنَة ما نذكره على الأَثَر.
قال الغزالي: وَلاَ خَبَرَ فِي التَّخْمِينِ بِالخَرْصِ، إِلاَّ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ (ح) إِذَا بَاعَهَا خَرْصاً بِمَا تَعُوْدُ إِلَيْهِ عَلَى تَقْدِيرِ الجَفَافِ وَهِيَ العَرَايَا (م ح) الَّتِي أَرْخَصَ فِيهَا، وَالأَظْهَرُ: الجَوَازُ فِي قَدْرِ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَمَيْلُ المُزَنِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَى تَخْصِيصِ الجَوَازِ بِمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقِ لِتَرَدُّدِ الرَّاوِي فِيهِ، فَلَوْ زَادَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فِي صَفَقَاتٍ جَازَ (ح)، وَكَذَا إِذَا تَعَدَّدَ المُشْتَرِي وَاتَّحدَ البَائِعُ، وَلَوِ اتَّحَدَ المُشْتَرِي وَتَعدَّدَ البَائِعُ فَفِيهِ