امتصاصها رطوبتها، فيتعذر الإبقاء لذلك، كما يتعذر البيع بشرط أن يأكل العبد المبيع من مال البائع، وساعدنا مالك وأحمد على قولنا.

وقال أبو حنيفة: لا يصح البيع بشرط الإبقاء ويصح مطلقاً، ويؤمر بقطعهِ في الحال وهذا ذهاب إلى أن مقتضى الإطلاق القطع، إذ به يحصل التَّسليم.

وعندنا مقتضى الإطلاق الإبقاء بناء على العادة العامة، كما تنزل الدَّرَاهم المطلقة في العقد على النَّقْد الغالب، فالإِجارة المطلقة على المَنَازِل المَعْهُودَة في الطَّرِيق، والتَّسْليم يجب بحسب العَادَة، أَلاَ تَرَى أنه لو باع داراً فيها أمتعة كثيرة لا يلزمه نقلها في جنح الليل، ولا أن يجمع كل حمال في البلد لتعجيل التَّسليم، ولكن ينقل على العادة.

ثم هاهنا فروع:

أحدها: وقد ذكره في الكتاب لو كان في البلاد الشديدة البرد كُرُوم لا تنتهي ثمارها إلى الحَلاَوة، واعتاد أهلها قطع الحصرم ففي بيعها وجهان عن القفال: أنه يصح من غير شرط القطع تنزيلاً لعادتهم الخاصة منزل العادات العامة، وقد ذكرنا أن العَقْد المطلق محمول على المعتاد، فيكون القَطْع المعهود كالمشروط، وامتنع الأكثرون من ذلك، ولم يروا تواطؤ قوم مخصوصين بمثابة العادات العامة، وهذا الخلاف يجري فيما لو جرت عادة قوم بِانْتِفَاع المرتهن بالمرهون، حتى تنزل عَادتهم على رأي منزلة شرط الانْتِفاع، ويحكم بفساد الرهن، وأشار إِمام الحَرَمين -رحمه الله- إلى تخريج ذلك على مسألة السِّر والعَلاَنية.

الثّاني: إذا باع بشرط القَطْع وجب الوفاء به، ولو تَرَاضيا على التّرك فلا بأس، وكان بدو الصلاح ككبر العبد الصَّغير، وعن أحمد أنه يبطل البيع وتعود الثمرة إلى البائع.

الثَّالث: قال في "التتمة": إنما يجوز البَيْع بشرط القطع (?) إذا كان المقطوع منتفعاً به كالحِصْرِم واللَّوْز ونحوهما.

فأما ما لا منفعة فيه كالجَوْز والكُمثري، فلا يجوز بيعه بِشَرْط القطع.

الوجه الثاني: أن تكون الأشْجَار للمشتري، مثل أنْ يبيع الشَّجرة من إنسان بعد ظهور الثَّمرة، وتبقى الثمرة له على ما مر، ثم يبيع الثمرة من مالك الشجرة، أو يوصي بالثمرة لإنسان، ثم يبيع المُوصي له الثَّمَرة من الوَارِث، فهل يشترط القطع؟ فيه وجهان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015