الحالة الأولى: إذا بيعت بعد بُدُوّ الصَّلاح جاز مطلقاً، وبشرط إبقائها إلى وقت الجُذَاذ، وبشرط القَطْع سواء كانت الأصول للبائع أو للمشتري أو لغيرهما.

لما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا" (?).

والحكم بعد الغاية، يخالف الحُكْم قبلها.

ثم عند الإِطْلاق يجوز الإبقاء إلى أوان الجُذَاذ للعرف، وشرط التبعية تصريح بما هو من مقتضياتَ العقد، وساعدنا مالك وأحمد على ما ذكرناه.

وعند أبي حنيفة لا يجوز البيع بشرط الإبقاء، ويلزم القطع في الحال في صورة الإطلاق، ولا يجوز أن يبيع الثمار بعد بدون الصلاح مع ما يحدث بعدها خلافاً لمالك.

الحالة الثانية: إذا بيعت قبل بُدُوِّ صلاحها فإما أن تُباع مفردة عن الأشجار أو معها.

الحالة الأولى: أن تباع مفردة عن الأشجار، فالأشجار تصور على وجهين:

أحدهما: أن تكون للبائع أو لغير المتعاقدين، فلا يجوز بَيْع الثمار مطلقاً ولا بشرط الإبقاء، ويجوز بشرط القَطْع.

أما الجواز بشرط القطع فمجمع عليه، وأما إنه لا يجوز مطلقاً وبشرط الإبقاء، فلما سبق من الخير، فإن ظاهره يمنع من مطلق البيع، المَشْرُوط بالقَطْع إجماعاً فيعمل به فيما عداه، والمعنى الفارق بين ما بعد بُدُوِّ الصلاح وقبله، أنَّ الثمار بعد بدو الصَّلاَح تَأْمَنُ من العَاهَاتِ والجَوَائِح غالباً لكبرها وغلظ نَوَاها وقبل بدو الصَّلاح تسرع إليها العَاهَات لضعفها، فإذا تلفتَ لم يَبْقَ شيء في مقابلة الثمن، وكان ذلك من قبل أَكْل المال بالبَاطِل وإلى هذا المعنى أشار باللَّفظ المروي في الكتاب، وهو أنه -صلى الله عليه وسلم- "نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنَ الْعَاهَةِ" (?).

وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "أرأيت إذَا مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ، فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيه" (?).

فأما إذا شرط القطع، فيتبين أن غرضه هو الحصْرم والبَلَح وأنه حاصل، هذا هو المعنى المشهور، وحكى الإمام مع ذلك معنى آخر عن بعض الأصحاب، وهو أن الثمار قبل بُدُوِّ الصَّلاَح تَكْبُرُ أجزاؤها كبراً ظاهراً، وتلك الأجزاء من أجزاء الشجرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015