وإذا قطع غصناً من شَجَرة حَرَمِيَّةٍ، ولم يخلف فعليه ضَمَانُ النُّقْصَان، وسبيله سبيل جرح الصّيد، وإن أخلف في تلك السنة لكون الغصن لطيفاً كالسِّواك وغيره فلا ضمان، وإذا وجب الضمان فلو نبت مكان المقطوع مثله ففي سقوط الضَّمان قولان كالقولين في السِّنِّ إذا نبت بعد القلع.

ويجوز أخذ أوراق الأشْجَار، لكنها لا تهش حذراً من أن يصيب لحاها.

وأما الشجرة التامة فتضمن ببقرة إن كَانَتْ كبيرة، وبِشَاةٍ إن كانت دونها، يروى ذلك عن ابْنِ الزُّبَيْرِ (?)، وَابْنِ عَبَّاسٍ (?) -رضي الله عنهم- وغيرهما، ومثل هذا لا يطلق إلا عن توقيف. قال الإمام: ولا شك فإن البدنة في معنى البَقَرة، وأقرب قولٍ في ضبط الشجرة المضمونة بالشَّاة أن تقع قريبة من سبع الكبيرة، إن الشَّاة من البقرة سبعاً، فإن صغرت جداً فالواجب القيمة. والأمر في ذلك كله على التعديل، والتخيير كما في الصَّيْدِ، وهل يعم التحريم والضمان ما ينبت بنفسه من الأشْجَار، وما يستنبت أم يختص بالدرب الأول؟ ذكروا فيه قولين:

أحدهما: التعميم، لأن لفظ الخَبَر مطلق.

والثاني: وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله- التخصيص بالدّرب الأول تشبيهاً للمستنبتات بالحيوانات الإنسية وبالزرع والأول أصح عند أئمتنا العراقيين، وتابعهم الأكثرون، ومنهم من قطع به لكن الإمام، وصاحب الكتاب أجابا بالثَّانِي، وإذا قلنا: به زاد في الضَّابِطِ قيداً آخر، وهو كون الشجر مما ينبت بنفسه، وعلى هذا يحرم قطع الطرفاء والأراك والعضَاة وغيرها من أشجار البَوَادي، وأدرك في "النهاية" العوسج فيها، لكنه ذُو شَوْكٍ، وفيه ما كتبناه، ولا تحرم المستنبتات مثمرة كانت كالنخل والكرم، أو غير مثمرة كالصنوبر، والخلاف، ومما يتفرع على هذا القول، أنه لو استنبت بعض ما ينبت بنفسه على خلاف الغالب، أو نبت بعض ما يستنبت الأم ننظر، حكى الإمام عن الجمهور أن النظر إلى الجنس والأصل فيجب الضمان في الصُّورةَ الأولى، ولا يجب في الثَّانية، وعن صاحب "التلخيص" أن النظر إلى القصد والحال فيعكس الحكم فيهما، والأول هو الذي أورده في الكتاب.

وأما غير الأشجار فإن حشيش الحرم لا يجوز قطعه للخبر، ولو قطعه فعليه قيمتُه إن لم يَخْلُف، وإن أخلف فَلاَ، ولا يخرج على الخلاف المذكور في الشَّجَرَة، فإن الغالب هاهنا الإخلاف فأشبه سِنَّ الصبي.

ولو كان يابساً فلا شيء في قطعه كما ذكرنا في الشَّجَرِ، لكن لو قطعه فعليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015