أيضاً؛ لأن الصَّيْدَ مُحَرَّمٌ على من في الحَرَمِ، وكذا الحكم في إرْسَالِ الكَلْبِ.

وكذا لو رمى حَلاَلٌ إلى صَيْدٍ فأحرم قبل أن يُصِيبَه، أو رمي مُحْرِمٌ إلى صَيْدٍ فتحلل قبل أن يَصِيدَه، وجب الضَّمَانُ في الحالتين.

ولو رمى إلى صَيْدٍ بعضه في الحل، وبعضه في الحَرَم، وجب الضَّمَانُ أيضاً تغليباً للحُرْمَة، والاعتبار بالقوائم، ولا نظر إلى الرأس، ولو رمى من الحل إلى صيد في الحِلِّ ولكن قطع السهم في مروره هواء الحرم، ففي وجوب الضَّمَانِ وجهان:

أحدهما: لا يجب لوقوع الطرفين في الحِلِّ، فصار كما لو أرسل كلباً في الحِلِّ إلى صَيْدٍ في الحِلِّ فتخطى طرف الحرم.

والثاني: يجب، لأنه أوصل السَّهْم إليه في الحَرَم، ويخالف مسألة الكَلْبِ؛ لأن للكلب فِعْلاً واختياراً، والسَّهم لا اختيار له، ولهذا قالوا: لو رمى إلى صَيْدٍ في الحل فعدَا الصَّيْدُ ودخل الحرم فأصابه السَّهم وجب الضَّمان، وبمثله لو أرسل كلباً لا يَجِب، ولو رمى إلى صَيْدٍ في الحِلِّ فلم يصبه، وأصاب صيداً في الحَرَم وجب الضَّمَان، وبمثله لو أرسل كلباً لا يجب فدل على الفرق، ويشبه أن يكون هذا أَظْهر الوَجْهَيْنِ، ولم يورد صاحب "العدة" غيره. ثم في مسألة إرْسَالِ الكَلْبِ وتخطيه طَرَفِ الحرم إنما لا يجب الضَّمَان إذا كان للصَّيْدِ مَفَرٌ آخر، فأما إذا تعين دُخُوله الحَرَم عندَ الهرب، فالضَّمَانُ واجب لا محالة، سواء كان المُرْسِل عالماً بالحال أو جاهلاً، غير أنه لا يأثم إذا كان جاهلاً.

الثانية: لو أخذ حمامة في الحِلِّ، أو قتلها فهلك فرخها في الحرم، ضمن الفَرْخَ؛ لأنه أهلكه بَقَطْع من يَتَعَهَّده عنه، فأشبه ما لو رَمَى من الحِلِّ إلى الحَرِم، ولا يضمن الحَمَامة؛ لأنها مَأخوذة الحِلِّ، وعلى عكسه لو أخذ الحمامة من الحرم أو قتلها فهلك فَرْخها في الحِلِّ ضمن الحمامة والفَرْخَ جَمِيعاً، أما الحمامة فلأنها مأخوذة من الحَرَمِ وأما الفرخ فكما لو رمى من الحرم إلى الحِلِّ، ولما جَمَعَ صَاحِبُ الكِتَاب بين الطرفين اقتصر في الحكم على ما يشتركان فيه وهو ضمان الفرخ، وسكت عن ضَمَانِ الحمامة.

ولو نفر صيداً حرمياً قاصداً أو غير قَاصِدٍ تعرض للضَّمَانِ، حتى لو مات بسبب التنفير بصَدْمة أو أخذ سبع لَزِمَهُ الضَّمان، ولو دخل الحل فقتله حلال فعلى المنفر الضَّمان أيضاً، قاله في "التهذيب" بخلاف ما لو قتله مُحْرِمٌ يكون الجزاء عليه تقديماً للمباشرة. فرع: لو دخل الكافرُ الحَرم وقتل صيداً وجب عليه الضَّمَان؛ لأن هذا ضَمَان يتعلق بالإتلاف فأشبه ضَمَان الأَمْوال. وقال الشَّيْخُ أَبُو إسْحَاقَ الشِّيرَازِي: يحتمل عندي أن لا يجب، لأنه غير ملتزم حرمة الحرم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015