بالإِمْسَاك. ولو مات الصَّيْدُ قبل إِمْكَانِ الإِرْسَال فقد حكم الإمام -رحمه الله- وجهين في وجوب الضَّمَان، وقال: المذهب وجوبه، ولا خلاف في أنه لا يَجِب تقديم الإرْسَالِ على الإحْرَام. قوله في الكتاب: (ففي لزوم رفع اليد قولان) يجوز أنَ يُعَلَّم لفظ القولين بالواو، لأن القاضي ابْنَ كِجٍّ روى عن أبي إسحاق طريقة قاطعة بأنه لا لزوم، وحيث قال بالإرسال أراد به الاستحباب.

وقوله: (لأنه ابتداء إتلاف) أراد به أنا على هذا القول، وإن جوزنا استدامة اليد، والملك، فلا يجوز الإتْلاف؛ لأن الإتْلاَفَ ليس باسْتِدَامَةٍ، وإنما هو ابتداء فِعْلٍ، وكان الأحسن في التعبير عن هذا الغَرَضِ أن يقول؛ لأن الإتْلاَفَ ابتداء، ثم في الفصل مسألتان:

إحداهما: لو اشترى المُحْرِمُ صَيْداً، أو اتهبه أو أُوصي له فَقَبِلَ يفرع ذلك على الخلاف الذي سبق.

إن قلنا: إن الملك يزول عن الصَّيْدِ بالإحْرَامِ لا يملكه بهذه الأَسْبَاب؛ لأن من مُنِع من إدامة الملك فهو أولى بالمَنْعِ من ابتدائه.

وإن قلنا: لا يزول ففي صِحَّة الشراء والهبة قولان بناء على القولين فيما إذا اشترى الكَافِرُ عبدًا مسلمًا، ويدل على المنع ما روى أَنَّ الصَّعْبَ بنَ جُثَامَةَ. أَهْدَى لِرَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حِمَاراً وَحْشِيّاً فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: "إِنَّا لَمْ نَرُدَّ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ" (?) فإن صححنا هذه العقود فذاك، وإلا فليس له القبض، فإن قبض فهلك في يده فعليه الجزاء لِلَّه تعالى، والقيمة للبائع، وإن رده عليه سَقَطَتِ القِيمَةُ، ولا يسقط ضَمَانُ الجَزَاء إلا بالإرْسَالِ؛ وإذا أرسل كان كما إذا اشترى عبداً مرتداً فقتل في يده، وفي أنه من ضمان من يتلف؟ خلاف سنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى" (?).

الثانية: إذا مات له قريب، وفي مِلْكِهِ صَيْدٌ هَلْ يَرِثُهُ؟ إن جوْزنا الشِّراء وغيره من الأسباب الاختيارية نعم، وإلا فَوَجْهَان، والأظهر ثبوته؛ لأن لا اختيار فيه، وعلى هذا فقد ذكر الإمام وصاحب الكتاب أنه يزول مِلْكُه عقيب ثُبُوتِه بناء على أن المِلْكَ يزول عن الصَّيْدِ بالإحْرَام، وفي "التهذيب" وغيره ما ينازع في زواله عقيب ثبوته؛ لأنهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015