أشعر ذلك بالتحريم إذا كان الاصْطِيَاد بإعانته، أو دلالته، أو له، وعجيب أن يكون نَقْلُ القَوْلَيْنِ صَوَاباً ثم يغفل عَنْهُ كل من عَداهُ مِنَ الأَصْحَابِ، وهو أيضاً في غير هذا الكتاب. وأما جواز التبديل بما ذكرت فلأن القَوْلَيْنِ في أنَ ما صيد للمحرم أو بدلالته أو بإعانته لو كل منه هل يلزمه جزاؤه؟ مشهوران.
أحد القولين وهو القديم وبه قال مالك وأحمد -رحمهما الله-: أنه يَلْزَمُهُ القِيمَةِ بِقَدْرِ مَا أَكَلَ؛ لأن الأكْلَ فعل محرم في الصيد فيتعلق به الجزاء كَالقَتْلِ، ويخالف ما لو ذَبَحَه، وأكله حيث لا يلزم بالأكل جزاء؛ لأن وجوبه بالذَّبْحِ أغنى عن جَزَاءٍ آخر.
والجديد: أنه لا يلزم؛ لأنه ليس بِنَامٍ بعد الذبح، ولا يؤول إلى النماء، فلا يتعلق بإتلافه الجَزَاء، كما لو أتلف بيضة مذرة.
واعلم أن هذه المسألة مذكورة في الكتاب من بعد، وتبديل اللفظ بها يفضي إلى التكرار، لكني لا أدري على ماذا يحمل إن لم يحتمل التكرار؟
ولو أمسك محرمٌ صيداً حتى قَتَلَهُ غيره، نظر إن كان حلالاً فيجب الجَزَاء على المُحْرِمِ لِتَعَدِّيهِ بالإمساك والتعريض لِلْقَتْلِ، وهل يرجع بهِ على الخِلاَف؟
قال الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لا؛ لأنه غير ممنوع من التَّعَرُّضِ لِلصَّيْدَ.
وقال القاضي أَبُو الطَّيبِ: نعم.
هذا ما أورده في "التهذيب" وشبهه بما إذا غصب شيئاً فأتلفه متلف في يده يضمن الغاصب، ويرجع على المتلف، وإن كان محرماً أيضاً فوجهان:
أظهرهما: أن الجزاء كله على القاتل؛ لأنه مباشرٌ، ولا أثر للإِمْسَاكِ مع المبَاشَرَةِ.
والثاني: أن لكل واحد من الفعلين مدخلاً في الهَلاَك، فيكون الجزاء بينهما نصفين، وقال في "العدة": الصحيح أن الممسك يضمنه باليد، والقاتل يضمنه بالإتْلاَف، فإن أخرج الممسك الضَّمان رجع به على المتلف، وإن أخرج المتلف لم يرجع على المُمْسِك (?).