شَيْءَ عَلَى الحَلاَلِ، سواء كان الصَّيْدُ فِي يَدِهِ، أو لم يكن.

نعم، هو مُسيءٌ بالإعَانة على المعصية، ولو دل المُحْرِم حلالاً على صَيْدٍ فقتله نظر إن كان الصَّيْدُ بيَدِ المُحْرِمِ وجب عليه الجزاء؛ لأن حِفْظَهُ واجب عليه، ومن يلزمه الحِفْظ يلزمه الضَّمَان إذا ترك الحفظ كما لو دَلَّ المودع السَّارق على الوَدِيعَة، وإن لم يكن في يده وهو مسألة الكتاب فلا جزاء عَلَى الدَّالِ، ولا على القاتل، أما القاتل فلأنه حَلاَل، وأما الدَّال فكما لو دَلَّ رجلاً على قَتْلِ إِنْسَانٍ لا كفارة على الدَّالِ، وساعدنا مالك -رحمه الله- على ذلك.

وقال أبو حنيفة -رحمه الله- إن كانت الدَّلالَةُ ظَاهِرةٌ فلا جَزَاءَ عَلَيْهِ، وإن كانت خفية ولولاَها لما رأى الحَلاَلُ الصيدَ يَجِب الجزاء، وسلَّم في صَيْدِ الحرم أنه لا جَزَاءَ عَلَى الدَّالِ. وعن أحمد: أن الجزاء يَلْزَم الدَّالَ، والقَاتِلَ بينهما.

وقوله في الكتاب: (وفي تحريم الأكل منه عليه قولان) صريح في إثبات الخلاف في أن المحرم هل يجوز له أن يأكل من الصَّيْدِ الذي دل عليه الحَلاَل حتى قتله؟ لكن الوجه أن تغير هذه اللفظة، ويجوز أن يجعل مكانها: وفي وجوب الجزاء عليه عند الأكل منه قولان، أما التغيير فلأنك إذا بحثت لم تر نقل الخلاف في جواز الأكْلِ للمحرم، والصورة هذه لا لغير صاحب الكتاب، ولا له في "الوسيط" وغيره، بل وجدتهم جازمين بِحُرْمَةِ الأَكْلِ على المُحْرِمِ مما صيد له أو بإعانته بسلاح وغيره، أو بإشارته ودلالته محتجين عليه بما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَحْمُ صَيْدِ الْبَرِّ حَلاَلٌ لَكُمْ فِي الإِحْرَامِ مَا لَمْ تَصْطَادُوهُ، أَوْ لَمْ يُصْطَدْ لكم" (?).

وبما روي أن أبا قتادة -رضي الله عنه- خرج مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فتخلف عن بعض أصحابه وهو حلال وهم محرمون فرأوا حُمُرَ وَحْشٍ فاسْتوَى على فرسه ثم سأل أصحابه أن يناولوه سوطاً فأبوا، فسألهم رُمْحَه فابوا فأخذه وحمل على الحمر فعقر منها أَتَانَاً، فأكل منها بعضُهمِ وأَبَى بَعْضُهُم فلما أتو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سألوه فقال "هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا، قَالُوا: لاَ، قَالَ فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015