مشركون يَومئذٍ إذا علم إسلامهم، ويحتمل أن النصوص لم تبلغ عُمَرَ -رضي الله عنه- والذين أتوه فاجتهدوا فوافق اجتهادهم النص، ولو أحرم أهل المَشْرِق من العقيق كان أفضل، وهو واد وراء ذات عِرْق مِمَّا يلي المشرق بقرب منها، لما روى عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ" (?).
ولأن ذات عِرْق مؤقتة بالاجتهاد على أحد الرأيين، فالإحرام مما فوقها أحوط، وقد يخطر ببالك إذا انتهيت إلى هذا المقام البحث عن قَرْن من وجهين:
أحدهما: أنه بتحريك الراء أو تسكينها، وإن كان الأول فهل هو الذي ينسب إليه أويس -رضي الله عنه- أم لا؟
والثاني: أنه قال في الخبر: قَرْن المَنَازِل فما هذه الإضَافة؟ وهل هو للتمييز عن قرن آخر أم لا؟
والجواب: أما الأول فالسماع المعتمد فيه عن المتقنين التسكين، ورأيته منقولاً عن أبي عبيد وغيره، ورواه صاحب الصِّحاح بالتحريك، وادعى أن أويساً منسوب إليه.
وأما الثاني: فقد ذكر بعض الشَّارِحين للمختصر أن القرن اثنان:
أحدهما: في هبوط يقال له: قرن المَنَازِل، والآخر: على ارتفاع يقرب منه، وهي القرية، وكلاهما ميقات -والله أعلم-.
إذا عرفت ذلك فالصنف الأول الأفاقي الذي انتهى إلى الميقات وهو يريد النُّسُك فليس له مجاوزته غير مُحْرِم، سواء أراد الحَجَّ أو العمرة أو القران، فإن جاوزه فقد أساء، وسيأتي حكمه، ولا فرق بين أن يكون من أهل تلك الناحية أو من غيرها، كالمشرقي إذا جاء من المدينة، والشَّامي إذا جاء من نَجْد؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ".
الثاني: الأفاقي الذي انتهى إلى الميقات وهو غير مريد للنُّسك، فننظر إن لم يكن على قَصْدِ التَّوَجُّه إلى مكَّة، ثم عَنَّ له قصد النُّسُك بعد مجاوزته، فميقاته من حَيْثُ عَنَّ له هذا القَصْد، ولا يلزمه الرُّجُوع إلى الميقات، وقد أشار إليه في الخبر الذي سبق، حيث قال: فإن كان يريد الحج والعمرة، وإن كان على قَصْدِ التوجه إلى مكة لحاجة غير النُّسُك، ثم عَنَّ له قصد النسك عند المجاوزة، فينبئ هذا على أن من أراد دخول