يستأجر من يتمه؟ فيبنى على القولين في جواز البناء، إن جَوَّزْنَاه فله ذلك، وإلا فَلاَ، وإن كانت الاجَارة على الذِّمِّة.
فإن قلنا: لاَ يَجُوز البِنَاء، فَلِوَرثَةِ الأَجِير أن يستأجروا من يَحُجُّ عَمَّنِ استؤجر له، فإن أمكنهم الإحجاج عنه في تلك السنة لبقاء الوقت فذاك، وإن تأخر إلى السَّنَةِ الأُخْرَى ثبت الخيار، كما سبق، وإن جوزنا البناء فلورثة الأجير أن يتموا الحَجِّ، ثم القول في أن النَّائِبَ بِمَ يَحُرم وفي حكم إحرامه بين التحللين على ما سبق.
الحالة الثانية: أن يكون بَعْدَ الأخذ في السَّيْرِ، وقبل الإحْرَام، فالمنقول عن نَصِّه في عامة كتبه أنه لا يستحق شيئاً من الأُجْرَةِ، لأنه بسبب لا يَتَّصِل بِالْمَقْصُودِ، فصار كما لو قرب الأجير على البِنَاء الآلات من موضع البنَاء ولم يبن لم يستحق شيئاً، وعن أبي بكر الصَّيْرَفِيّ والإصْطَخْرِي: أنه يستحق قِسْطَاً من الأجرة؛ لأنهما أفتيا سنة حصر القرامطة (?)، الحجيج بالكوفة، بأن الأجَرَاء يستحقون من الأُجْرَةِ بِقَدْرِ ما عملوا.
ووجهه أن الأجرة تَقَعُ في مقابلة السَّيْرِ وَالْعَمَلِ جميعاً ألا ترى أنها تَخْتَلِف باختلاف المسافة طولاً، وقِصَراً، وفصَّل ابن عبدان المسَألة فقال: إن قال: استأجرتك لتحج من بَلَدِ كَذَا، فالجواب على ما قَالاَه، وإن قال على أن تَحُج، فالجواب على مَا هُوَ المَشْهُور، وهذا كالتَّفْصِيل الذِي مَرَّ عَنِ ابْن سُرَيْج.
والحالة الثالثة: ولم يذكرها في الكتاب: أن يكون موتهُ بعد إتمام الأرْكَان، وقبل الفَرَاغِ مِنْ سَائِرِ الأَعْمَالِ، فينظر إن فات وقتها أو لم يفت، ولكن لم نجوز البناء فيجبر بالدَّمِ مِنْ مَالِ الأَجِيرِ، وفي رَدِّ شيء من الأجرة الخلاف السابق، وإن جوزنا البناء فإن كانت الإجارة على العين انفسخت، ووجب رَدّ قسطها من الأجرة، واستأجر المستأجر من يَرْمي ويبيت، ولا دَمَ عَلَى الأَجِير، وإن كانت على الذمة استأجروا وارث الأجير مَنْ يَرْمِي ويبيت، ولا حاجة إلى الإحْرَامِ، لأنهما عملان يؤتى بهما بعد التحللين، ولا يلزم الدّم ولا رد شيء من الأجرة ذكره في "التتمة".
قال الغزالي: السَّابِعَةُ لَوْ أحصرَ فَهُوَ كَمَا لَوْ مَاتَ، وَلَوْ فَاتَ الحَجُّ فَهُوَ كَالإِفْسَادِ لأنَّهُ يُوجِبُ القَضَاءَ وَلاَ يَسْتَحقُّ شيئاً.
قال الرافعي: لو أحْصِر الأَجِيرُ فله التَّحلُل، كما لو أحْصِر الحاجُّ لنفسه فإن تحلل فعن من يقع ما أتى به؟ فيه وجهان:
أصحهما: عن المستأجر كما لو مات، إذ لم يوجد من الأجير تقصير.
والثاني: عن الأجير كما لو أفسده؛ لأنه لم يحصل غرضه، فعلى هذا دم