موثوقاً بِصِدْقِهِ، وإذا توسم أثر الطَّاعة فَهَلْ يلزمه الأمر؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا؛ لأن الظَّنَّ قَدْ يُخْطِئ.

وأظهرهما: نعم إذا وثق بالإجابة؛ الحصول لاستطاعة، وهذا ما اعتمده أصْحَاب الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وحكوه عن نَصِّ الشافعي -رضي الله عنه-.

ولو بذل المطيع الطاعة فلم يأذن المُطاع فهل ينوب الحاكم عنه؟ فيه وجهان:

أصحهما: لا؛ لأن مبنى الحَجِّ على التَّراخِي، وإذا اجتمعت الشَّرَائِطُ ومات المطيع قبل أن يأذن فإن مضى وقت إمكان الحَجِّ استقر في ذِمَّتِهِ وإلاَّ فَلاَ، ولو كان له من يطيع ولم يعلم بطاعته فهو كما لَوْ كان له مَالٌ موروثٌ ولم يَعْلَمْ بِهِ، وشبه ابْنُ الصَّبَّاغ ذَلِكَ بما إذا نَسِيَ المَاء فِي رَحْلِهِ ففي سقوط الفرض قولان، وشبهه صاحب "المعتمد" بالضَّال والمَغْصُوبِ وفي وجوب الزَّكاة فيهما خلاف قد مَرَّ.

ولك أن تفرق بين الحَجِّ وغيره فتقول: وجب أن لا يلزم الحج بحالٍ؛ لأنه مُعَلَّق بالاسْتِطَاعة ولا استطاعة عِنْدَ عدم الشُّعور بِالمَالِ والطَّاعَة.

وإذا بذل الوِلد الطَّاعة ثم أراد الرجوع فإن كان بَعْدَ الإحْرَامِ لَمْ يَجِدْ إِلَيهِ سَبِيلاً، وإن كان قَبْلَه رجع على أَظْهَر الوَجْهَيْنِ (?).

والثالثة: أن يبذل الأجنبيُّ الطَّاعةَ ففي لزوم القبول وَجْهَان.

أصحهما: وهو ظَاهِر نصه في "المختصر"، أنه يلزم لِحُصُولِ الاسْتِطَاعَة كما لو كان البَاذِلُ الوَلَدَ.

والثاني: لا يلزم؛ لأن الوَلَد بِضْعَةٌ مِنْهُ فنفسه كنفسه بخلاف غيره، والأخ والأب في بَذْل الطَّاعَةِ كالأجْنَبِيّ؛ لأن اسْتِخْدَامَهُمَا ثَقِيلٌ، وفي بعض تعاليق الطبرية حكاية وجه أن الأب كالابن، كما أنهما يستويان في وجوب النفقة وغيره.

الرابعة: أن يبذل الولدُ المالَ ففي لزوم قبوله وَجْهَان:

أحدهما: يلزم كما لو بَذَلَ الطَّاعة.

وأصحهما -وبه قال ابنُ سُرَيْج-: لا يلزم؛ لأن المِنَّة في قبول المال أَعْظَم، ألا ترى أن الإنسان يستنكف عن الاستعانة بمالِ الغَيْرِ، ولا يستنكف عن الاستعانة ببدنه في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015