قاله عَدَدٌ من النسوة، أو العبيد، أو الفُسَّاق، وَظُنَّ صِدْقُهُمْ، فَهُوَ يَوْمُ شَكٍّ (?)، وحكى الموفق بْنُ طَاهِرِ عن أبي مُحَمَّد الباقي، أنه إذا كانت السَّمَاء مصحية ولم ير الهلال فهو يَوْم شَكٍّ، وعن الأستاذ أَبي طَاهِرٍ، أن يوم الشَّكِّ ما تردد بين الجائزين، من غير ترجيح، فإذا شهدت امْرَأَةُ، أو عبد، أَوْ صِبِيّ فقد تَرَجَّحَ أَحَدُ الجَانِبَيْنِ، وخرج اليوم عن كونه يَوْمَ شَكٍّ، والمشهور ما تقدم.
ولو كان في السماء قِطَعُ سَحَابٍ يمكن أن يرى الهلالُ مِنْ خِلاَلِهَا، وأن يخفى تَحْتَهَا، فقد قال الشَّيْخُ أبو مُحَمَّدٍ: إنه يَوْمُ الشَّكِّ، وقال غيره: إنما يكون كَذَلِكَ بِشَرْطِ التَّحَدُّثِ عَلَى مَا سَبَقَ، وَتَوَسَّطَ الإمَام بينهما، فقال: إن كان في بَلَد يستقل أهلها بطَلَبِ الهلال، فلم يتحدثوا برؤيته، فالوجه أن لا يُجعل الغَدُ يومَ شَكٍّ، وإن كان في سَفَرٍ، ولم يبعد رؤية أهل القُرَى فيحتمل أن يجعل الغَدُ يَومَ شَكٍّ، -والله أعلم-.
إذا عرفت ذلك فارجع إلى لفظ الكتاب، وأعلم قوله: (إلا يوم العيدين، وأيام التَّشريق) بالحاء و"الميم" و"الألف". أما "بالحاء" فلأن عنده صَوْمَها صَحِيحٌ عند النذر، فتكون قَابلَة للصَّوْمِ. وأما بالميم؛ فلأن عنده يجوز للمتمتع صَوْم أيام التَّشريق، وهو رواية عن أحمد. وقوله: (ولا يصح صوم المتمتع في أيام التشريق) إن قرئ "بالواو" كان مقطوعاً عَمَّا سبق، وأحوج إلى إعلام ما سبق بالواو للقول القديم، فإنها قابلةٌ للصَّوْمِ على ذلك القول، وإن قُرِئَ فلا يصح بالْفَاء ترتيباً له على ما سبق، كان أحسن، وأغنى عن الإعلام بالواو، ويجوز أن يُعَلَّم قوله: (على الجديد) بالواو، ولأنه يقتضي إثبات خلاف في المسألة، وقد ذكر المُزَنِيُّ أن القول القديم في المسألة مَرْجُوعٌ عَنْه، فلم يثبت بَعْضُ الأَصْحَاب فيها خِلافاً.
وقوله: (فَهُوَ مُنْهِيٌّ) معلم بالميم والحاء.
وقوله: (أن يتحدث برؤية الهِلاَل) يجوز إعلامه بالواو. أما لما روينا عن الشيخ فإنه لا يعتبر التحدث في تفسير يوم الشَّك، أو عن الأُسْتَاذِ، فإنه يجعل خبر العبيد ونحوهم مخرجاً له عن كونه يَومَ شَكٍّ.
قال الغزالي: القَوْلُ فِي السُّنَنِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ: تَعْجِيلُ الفِطْر بَعْدَ تَيَقُّنِ الغُرُوبِ بِتَمْرٍ أَوْ مَاءٍ، وَالوِصَالُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَتَأخِيرُ السُّحُورِ مُسْتَحَبٌّ، وَكَذَا إِكْثَارُ الصَّدَقَاتِ وَكَثْرَةُ تِلاَوَةِ