لأحمد، حيث قال في رواية: إن كانت السماء مصحية كُرِه صَوْمُهُ، وإلا وَجَبَ صَوْمَهُ عَنْ رَمَضَانَ. وفي رواية: إن صام الإمام صَامُوا، وإلا أفطروا، وعنه: رواية أخرى مثل مَذْهَبِنَا. لنا قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ، وَلاَ تَسْتَقْبِلُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ مِنْ شَعبَانَ" (?). ويجوز صَوْمُه عن قَضَاءٍ وَنُذُورٍ وكَفَّارَةٍ (?)، وكذا إذا وافق وِردَهُ فِي التَّطوُّعِ بلا كراهية.
روي عن أبي هريرة: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لاَ تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْرَ بِيَومٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ إلا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صِيَاماً كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ" (?).
وعن القاضي أَبِي الطَّيِّبِ، أنه يكره صَوْمُه عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ فَرْضٍ.
قال ابْنُ الصَّباَّغِ: وهذا خلاف القياس؛ لأنه إذا لم يكره منه مالَه سَبَبٌ من التَّطوع، فلأن لا يكرهَ فيه الفرض كَانَ أولى، ولا يجوز أن يصوم فيه التَّطوع الذي لا سبب له خلافاً لأبي حنيفة، ومالك -رحمهما الله- حيث قالا: "لا كراهية في ذلك".
لنا حديث عمار وأيضاً فقد روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى عَنْ صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَحَدُهَا الْيَوْمُ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ" (?). وهل يَصِحّ هذا الصَّوْم؟ فيه وجهان كَالْوَجْهَيْنِ فِي الصَّلاَةِ، وَفِي الأَوْقَاتِ المَكْرُوهَةِ.
أصحهما: لا؛ لأنه مَنْهِيٌّ عَنْهُ، كَيَوْمِ العِيدِ.
والثَّاني: نعم؛ لأنه قَابل للصَّومِ فِي الجُمْلَةِ. ولو نذر صومه فهو عى هَذينِ الوَجهَينِ؛ فإن قلنا: يصح فليصم يوماً آخر، ولو صَامَه خَرَجَ عَنْ نَذْرِهِ، قاله في "التهذيب" ولا يخفى أن اليوم الموصوف بكونه يوم الشك هو الثلاثون من شَعْبَان، ومتى يَتَّصِفْ بهذه الصِّفَة؟ إن طبق الغيم ليلته فهو من شعبان، وليس بيوم شك لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ" (?) ولا أثر لِظَنِّنَا الرُّؤْيَةَ لَوْلاَ السَّحَاب لِبُعْد الهلال عن الشَّمْسِ، وإن كانت السَّمَاءُ مصحية وتراءى النَّاسُ الهِلاَلَ فلم يَرَوْهُ، فليس بيوم شكٍّ بطريق الأَوْلى إن لم يتحدث برؤية الهِلاَل أَحَدٌ، وإن وقع في ألْسِنَة النَّاس أنه رؤي، ولم يقل عدل: أنا رأيته، أو قاله عدل، وفرعنا على أنه لا يَثْبُت بِقَوْلِ وَاحِدٍ، أو