والثاني: لا يجب وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لأن ابتداء الفِعْلِ كَانَ مُبَاحاً.
وأصحهما: القطع بوجوب الكفارة، ونفي المهر.
والفرق: أن ابتداء الفعل لم تتعلق به الكفارة، فتتعلق بانتهائه حتى لا يخلو الجماعُ في نَهَارِ رَمَضَانَ عمداً عن الكَفَّارة والوَطْءِ، ثم عير خَالٍ عن المقابلة بالمَهْرِ؛ لأن المَهْرَ في النِّكَاحِ يقابل جميع الوَطْئَات، وعند أبي حنيفة لا تَجِب الكَفَّارة بالمُكْثِ، واختاره المزني وساعدنا مالك وأحمد على الوجوب، والخلاف جَارٍ فيما إذا جَامَعَ نَاسِيًا ثُمَّ تذكر الصَّوْم واستدَام، ثم تكلم الأئمة في هذه المَسَائِلِ، في أن أول الفجر كيف يدرك وَيُحَس، ومتى عرف المترصد الطلوع كان الطلوع الحقيقي متقدماً عليه فكيف ليستمر فَرْضُ العِلْمِ بِهِ، كما طلع، وللشيخ أبي محمد في الجواب عنه مَسْلَكَانِ حَكَاهُمَا الإمَام عَنْهُ.
أحدهما: أن المسألة موضوعة على التَّقْدِير كدأب الفُقَهَاءِ في أمْثَالِهَا.
والثاني: أنا تَعَبَّدْنَا بِمَا نطلع عليه، ولا معنى للصّبح إلا ظهور الضوء للنَّاظرِ، وما قبله لا حكم له، فإذا كان الشَّخْصُ عَارِفاً بالأوقات ومنازل القمر وكان بحيث لا حائل بينه وبين المطلع وترصد فمتى أدرك فهو أول الصُّبح المعتبر.
قال الغزالي: القَوْلُ في شَرَائِطِ الصَّوْمِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: ثَلاَثةٌ في الصَّائِم وَهِيِ النَّقَاة عَن الحَيْض والإِسْلاَم وَالَعقْلُ في جَمِيعِ النَّهَار، وَزَوَال العَقْلِ بالجُنُونِ مُفسِدٌ وَلَوْ فِي بَعْضِ النَّهَارِ، وَاسْتِتَارُه بِالنَّوْمِ لَيْسَ بِمُفْسِد وَلَوْ في كُلِّ النَّهَارِ (و)، وَانْغِمَارُهُ بالإِغْمَارِ فِيهِ أَقْوالٌ أنَّهُ كالنَّوْمِ أَوْ كالْجُنُونِ، وَأَصَحَّ الأَقْوَالِ أنَّهُ إنْ أَفَاقَ في أَوَّلِ النَّهَارِ لَمْ يَضُرَّهُ بَعْدَهُ الإِغْمَاءُ.
قال الرافعي: يشترط في الصَّائِمِ ثلاثة أمور.
أحدها: النَّقعاءُ من الحَيْضِ والنّفَاسِ، فلا يصح صوم الحائض والنفساء على ما قدمناه في الحَيْض.
والثاني: الإسْلاَم، فلا يصح صَوْمُ الكَافِرِ أصلياً كان أو مرتداً، كما لا يصح مِنْهُ سائر العِبَادات، وهذان الشَّرْطَان معتبران في جميع النَّهَار، وحتى لو طَرَأَ حيض، أو ردة في آخِرِ النَّهَار بَطَلَ الصَّومُ.
والثالث: العقل، فلا يصح صوم المجنون، ولو جُنَّ في أثناء النَّهَارِ فَظَاهِرُ