"الحاوي" فيه وجهان مخرجان من سَبْق المَاءِ في المَضْمَضةِ (?).
ولو طَلَعَ الصُّبْحُ، وهو مجامع فنزع في الحال صومه، نَصّ عليه في "المختصر"، والمسألة تصور على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يحس وهو مجامع بتباشير الصبح، فينزع بحيث يوافق آخر النَّزْعِ ابتداءَ الطُلُوعِ.
والثاني: أن يطلع الصُّبْحُ، وهو مجَامِعٌ ويعلم بالطُّلُوع كما طَلَع وينزع كما علم.
والثالث: أن يمضي زمان بَعْدَ الطُّلُوعِ، ثم يعلم به.
أما هذه الصُّورة الثَّالِثة، فَلَيْسَتْ مُرَادَةً بِالنصّ، بل الصَّوم فيها بَاطِل، وإن نزع كما علم؛ لأن بعض النَّهار قد مضى وهو مشغول بالجماع، فأشبه الغَالِط بالأكل هذا ظَاهِر المَذْهَب، والخلاف الذي مر فيما إذا أكل على ظن أن الصبح لم يطلع بعد فبَانَ خلافِه عَائِد هَاهنا بلا فرق، وعلى الصَّحيح لو مكث في هذه الصورة فلا كَفَارَةَ عَلَيهِ، لأن مُكْثَهُ مَسْبُوقٌ بِبُطْلاَنِ الصَّوْمِ.
وأما الصورتان الأوليان، فقد حكى الموفق بن طَاهِر أن أبا إِسْحَاقَ قال "النص محمول على الصُّورة الأولى، إما إذا طلع، وأخرج فَسَد صومه"، ولا شَكَّ في صِحَّة الصَّوْم في الصُّورة الأُولَى، لكِن حمل النَّصِ عَلَيْهَا، والحُكْمَ بِالْفَسَادِ فِي الثَّانِيَةِ مُسْتَبْعَدٌ لاَ مُبَاَلاةَ بهِ؛ بل قضية كلام الأئمة نقلاً وتوجيهاً، أن المراد من مسألة النَّص الصُّورة الثَّانية، وحكوا فيها خلاف مالكٍ وأحمد، والمزني -رحمهم الله- واحتجوا عليهم أن النزع ترك الجماع، فلا يتعلق به ما يتعلق بالجماع، كما لو حلف ألا يلبس ثوباً هُوَ لابسه فانتزعه في الحال لا يحنث. وقوله: في الكتاب: (انعقد صومه) أُعْلِمَ بالميم والألف والزَّاي، إشارة إلى مذاهبهم، ويجوز أن يُعَلَّمَ "بالواو" أيضاً للمنقول عن أَبي إسْحَاقَ، وقد روى الحَنَّاطِي أيضاً وجهاً في المَسْألة، ولو طلع الفَجْر، وعلم به كما طَلعَ ومكث ولم ينزع فَسَدَ صَوْمُه، وهل عليه؟ الكفارة؟ نَصَّ في "المختصر" على أنَّهَا تَجِب، وأشار فيما إذا قال لامرأته: إن وَطَأْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثلاثاً فَغَيَّبَ الحَشَفَة، وطلقت، ومكث إلى أنه لاَ يَجِب المَهْرُ واختلف الأصحاب على طريقين:
أحدهما: أن فيها قولين نقلاً وتخريجاً.
أحدهما: وجوب الكفارة هاهنا، والمهر، ثم كما لو نزع وأولج ثانياً.