كما في الجُمُعة، وهذا هو الأَصَح [والأشهر] (?) في المذهب. قال الإمام: فإن قيل: هَلاَّ خرج ذلك على القولين في خطأ القبلة. قلنا: المخطئ آخراً لا يَكَادُ يُصَادِفُ أمارةً ظَاهِرَةٌ في هُجُوم اللَّيْلِ، واسْتِصْحَابِ النَّهَارِ في معارضة ما يَعِن لَهُ، وهو مع ذلك مُتَمَكِّنٌ مِنَ الصَّبْر إلى درك اليقين، فاقتضى ذلك الفرق بين البابين.
إذا عرفت ذلك وَعُدت إلى لفظ الكتاب فأعْلِمْ قوله: (فإنه لا يفطر) بالميم، وقوله: (ولا جماع) بالألف، لأن عند أحمد جماع النَّاسِي يُفْسِدُ الصَّوْمَ وبالواو، إشارةً إلى طريقة القَوْلَيْنِ، فقد تعرض لِلْخُلاَف فيه في الكتاب في "فَصْلِ الكَفَّارَةِ" وإن لم يذكره في هذا الموضع، ولو جعلت "الواو" على قوله: (لا يفطر) ليشمل الأكل أيضاً لم يبعد، لأنه أطلق القول بأنه لا يفطر النَّاسِي به، وفي الكثير منه الخِلاَف الذي سبق. وقوله في مسألة الغالط: (فمفطر)، يجوز أن يُعَلَّم بالزَّاي والواو.
أما الزاي فلأن أبا سعيد المتولي حكى ذهاب المزني إلى أنه لا يفطر في الصُّورة الأُولَى، ومنهم من نقل ذِهَابَهُ إِلَيْهِ في الصُّورتين. وأما بالواو فلأمرين:
أحدهما: ما حَكَيْنَا عن بعض الأصحاب في الصُّورة الأولى.
والثاني: أن الموفق بن طَاهِرَ حَكَى عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ أنه يجزئه الصَّوم في الطَّرفين.
وقوله: فمفطر، "ويلزمه القضاء" الجمع بينهما ضرب تأكيد، ولا ضرورة إليه، ثم لا يخفى أن الحكم بلزوم القضاء في الصَّوْمِ الواجب، أما في التطوع فيفطر ولا قَضَاء.
قال الغزالي: وَلاَ يَنْبَغِي أنْ يَأكُلَ في آخِرِ النَّهَار إِلاَّ بِيَقِينٍ، فَأمَّا بِالاجْتِهَادِ فَفِيهِ خِلاَفٌ وَفِي أَوَّلِ النَّهَارِ يَجُوزُ بِالاجْتِهَادِ، وَلَوْ هَجَمَ وَلَمْ يَتَبَيَّنِ الخَطَأ لَزِمَهُ القَضَاءُ في الآخِرِ وَلَمْ يَلْزَمْ في الأَوَّلِ.
قال الرافعي: لما تَكَلَّم في الغالط الذي أَكلَ، ثم تَبَيَّن خلاف ما ظَنَّه أراد أن يبين أن الأكْلَ ثم يجوز. أما في آخر النَّهار بالأحوط ألا يَأْكُلُ إلاَّ بِتَيَقُّنِ غروب الشَّمْسِ، لأن الأصْلَ بقاء النَّهَار، فيستصحب إلى أن يستيقن خِلافَه، ولو اجتهد وغلب على ظَنِّه دخولُ اللَّيْلِ بِوِرْدٍ وغيره ففي جواز الأكْلِ وَجْهَان:
أحدهما: وبه قال الأستاذ أبو إِسحَاقَ الإِسْفَرايني: أنه لا يجوزِ، لقدرته على دَرْكِ اليَقِين بالصَّير.