أصحها: أن القولين فِيمَا إِذَا لم يبالغ في المضمضة والاستنشاق فأما إذا لم يبالغ أفطر بلا خلاف.
وثانيها: أن القَوْلَينِ فيما إذا بالغ، أما إذا لم يبالغ فلا يفطر بلا خلاف.
والفرق على الطَّرِيقين أن المُبَالَغَةَ مَنْهِيٌ عَنْهَا، وأصْلُ المَضْمَضَةِ والاسْتِنْشَاق مَحْثُوثٌ عَلَيْهِ، فلا يحسن مؤاخذته بما يتولد منه بغير اختياره.
والثالث: طرد القولين في الحالتين، فإذا مَيَّزنَا حَالَةَ المُبَالَغَةِ عن حالة الاقتصار على أصل المَضْمَضَةِ والاستشاق حَصَلَ عِنْدَ المُبَالَغَةِ قولان مُرَتَّبَانِ كما ذكر في الكتاب، وظَاهِرُ المَذْهَب ما ذكرنا عند المُبَالِغَةِ الإفطارُ، وعند عَدَمِ المُبَالَغَةِ الصِّحَةُ،
ولا يخفى أن مَحَل الكلام فيما إذا كَانَ ذاكر للصَّوْمِ، أما إذا كان ناسياً، فلا يفطر بحال، وسَبْقُ المَاءِ عند غسل الفَم لنجاسة، كسبقة المضَمضة، والمُبَالَغَة هَاهُنَا لِلْحَاجَةِ ينبغي أن تكون كالسَّبق في المَضْمَضَةِ بِلاَ مُبَالَغَةٍ، ولو سبق الماء من غسله تَبَرُّداً، أو مِنَ المَضْمَضَةِ في الكَرَّةِ الرابعة فقد قال في "التهذيب": إن بالغ بَطَلَ صَوْمُه، وإلا فهو مُرَتَّبٌ على المَضْمَضَةِ، وأولى بالإفطار، لأنه غير مأمور به (?).
الرابعة: لو بقي طعام في خَلَلِ أَسْنَانِهِ فابتلعه عمداً، أفطر خلافاً لأبي حنيفة -رحمه الله- فيما إذَا كانَ يسيراً، وربما قدر بـ"الحمصة"، وإن جرى به الريق من غير قصد منه فمنقول المزني أنه لا يفطر، ومنقول الربيع أنه يفطر، واختلف الأصْحَاب فمنهم من قال: فيه قولان كما في سورة المَضْمَضَة؛ لأن الطَّعَام حصل في فمه بسبب غير مكره، وهو الأكل باللَّيل فأشبه المضمضة، ومنهم من نفى كون المسألة على قولين، وهو الأَصَح، ثم مِنْ هَؤُلاَءِ من حمل النص على حالين، حيث قال: لا يفطر أراد به ما إذا لم يقدر على تمييزه، ومَجّه، وحيث قال: يفطر أراد ما إذا قدر عليه، فابتلعه، وَتَوَسَّط الإمام من وجه آخر وتابعه صاحب الكتاب، فقال: "إن لم يتعهد تنقية الأسنان، ولم يُخَلّل، فهو كصورة المُبَالَغَةِ في المَضْمَضَةِ"، لأن الغالب في مثله الوُصول إلى الجَوْف، وإن نقاها على الاعتياد في مثله فهو كغبار الطريق، ولك أن تقول: تَركُ التَّخْلِيل إِمَّا أن يكون مَكْرُوها أو لا يكون، وإن لم يكن مكروها فلا يتوجه