ولو نوى ونام وَتَنَّبَه من نومه، واللَّيْلُ بَاقٍ هل عليه تجديد النية؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم تقريباً للنية من العِبَادة بقدر الوسع؛ ونسب ابْنُ عَبْدَانَ وغيره هذا إلى الشيخ أَبِي إِسْحَاقَ أيضاً.

وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب: أنه لا حاجة إلى الجديد، لما سبق.

قال الإمام: وفي كلام العراقيين تردد في أن الغفلة هَلْ هِيَ كالنوم؟ وكل ذلك مطرح. هذا حكم صوم الفرض في التبييت. أمّا التطوع؛ فتصح نيته من النَّهَار.

وبه قال أحمد، خلافاً لمالك والمزني، وأبي يحيى البَلَخِي.

لنا أنه -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ يُدْخُلُ عَلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ فَيَقُول "هَلْ مِنْ غِذَاءِ فَإنْ قَالَتْ لاَ قَالَ إِنِّي صَائِمٌ وَيُرْوَى: إِنِّي إِذًا أَصُومُ" (?). وهذا إذا كانت النِّية قبل الزَّوَال (?)، فإن كانت بعده ففيه قولان:

أحدهما: وهو رواية حَرْمَلَة: أنه يصح (?)؛ تسويةً بين أجزاء النَّهَار، كما أن أجزاء الليل مستوية في محلية نية.

وأَصَحَّهُمَا: وهو نَصُّهُ في عامة كُتُبِهِ، أَنَّهُ لاَ يَصِحّ، وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله-؛ لأن النقلَ لاَ يَنْبغِي أن يُخَالِفَ الفَرْضَ، كما في سائِرِ العِبَادَاتِ، إلا أَنا جَوَّزْنَا التَّأْخِيرَ بِشَرْطِ أن يَتَقَدَّمَ عَلَى الزَّوَالِ لِلْحَدِيث، فإنه وَرَدَ في النية قبل الزَّوَالِ، ألا ترى أنه يطلب الغذاء وفرقوا بين ما قبل الزوال وما بعده بأن النية إذا نشأت بعد الزوال فقد فات مُعْظَم النَّهَار، وإذا نشأت قَبْلَهُ فَقَد أَدْركت معظمه، وللمعظمَ تأثِيرٌ إدراكاً وفواتاً كما في إدراك المسبوق الرَّكعَة، وهذا الفرق إنَّما ينتظم ممن يجعله صائماً من أول النَّهَار، أما من يَجْعَله صَائِماً عن وَقْتِ النِّيَّةِ فالنِّيَّةُ عنده مَوْجُودَةٌ فِي جَمِيع العِبَادَةِ، فَاتَه مُعْظَمُ النَّهَارِ، أو لِم يَفُتْ، وفيه شيْءٌ آخر ذكره الإمام وهو: أن النَّهَار إذا حُسِبَ مِنْ شُرُوقِ الشَّمْسِ فالزَّوَال مُنْتَصفه، فتكون النِّية المتقدِّمَة عليه مدركَةُ مُعْظَمَةُ، لكن النَّهَار الشَّرْعِي مَحْسُوبٌ مِنْ طُلُوع الفَجرِ، فيتقدَّم متتصفه على الزَّوَالِ وَلاَ يَلْزَم مِنْ مُجَرَّد التَّقَدُّم عَلَى الزَّوالِ وُجُود النية في المُعْظَم، ثم إذا نوى قبل الزَّوالِ أو بعده، وجَوَّزنَاه فَهُوَ صَائِمٌ من أول النَّهَارِ حتى يَنَال ثَوَاب صَوْمِ الكُلِّ أَوْ مِنْ وَقْتِ النية، فيه وجهان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015