صِيَامَ لَهُ" (?). ويروي: "مَن لَمْ يَنْوِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ".
ولو نوى مع طلوع الفجر، ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يجوز لاقتران النية بأول العبادة، وبهذا أجاب ابْنُ عَبْدَانَ.
وأصحهما: المنع؛ لظاهر الحديث، وهذا هو قضية قوله في الكتاب: (أن ينوي ليلاً) ويتبين به أيضاً أن نية صوم الغد قبل طلوع الشمس لا تصح، وهل تختص النية بالنِّصْفِ الأخير من الليل؟ فيه وجهان:
أحدهما: وبه قال أَبُو الطَّيِّبِ بْنُ سَلَمَةَ: نعم، كما يختص رمي جمرة العقبة ليلة النحر بالنصف الأخير، والمعنى فيه تقريب النية من العِبَادة.
وأصحهما: لا؛ لإطْلاَقِ الخَبَرِ، وهذا هو المذكور في الكتاب صَرِيحاً، ودلالة.
أما الصَّريح فظاهر. وأما الدلالة فقوله: (أن ينوي لَيْلاً) وإذا نوى ثم أكل أو جامع (?) هَلْ تَبْطُلُ نيته، حتى يَحْتَاجَ إلى تجديدها؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم؛ لأن الأصل اقتران النِّية بالعبادة، فإذا تَعَذَّر اشتراطه فلا أقل من أن يحترز عن تخلل المناقض الذي لا ضرورة إليه بينهما.
وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب: أنه لا حاجة إلى التجديد؛ لأن الله تعالى أَباحَ الأكْلَ والشَّرَاب إلى طلوع الفجر، ولو أبطل الأكل النيةَ لامْتَنَعَ إلى طلوع الفجر، وينسب الوجه الأول إلى أبي إسحاق، وفيه كلامان:
أحدهما: أن الإمام حكى أن أبا إسحاق رجع عن هذا عام حَجَّ، وأشهد على نفسه (?).
والثاني: أن ابنَ الصَّبَّاغ قال: هذه النسبة لا تثبت عنه، ولم يذكر ذلك في الشَّرح.
فإن لم يتنقل الوجه إلا عنه، وثبت أحد هذين الكلامين، فلا خلاف في المسألة.