والثاني: يجب (?) وهو اختيار القاضي أبِي الطَّيِّبِ، ويروى عن أحمد؛ لأن الأرض مسطحة، فإذا رؤي في بعض البلاد عرفنا أن المانع في غيرِه شَيْءٌ عَارِض؛ لأن الهِلاَلَ ليس بِمِحَلِّ الرُّؤْيَةِ. وبم يضبط تباعد البلدتين؟ اعتبر في الكتاب مَسَافة القَصْرِ، وكذلك نقله الإمامُ وصَاحِب "التهذيب".

قال الإمام: ولو اعتبروا مسافة يظهر في مثلها تفاوت في المناظر لكان متجهاً في المعنى، وقد يوجد التفاوت مع قصور المسافة عن مسافة القصر للارتفاع والانخفاض، وقد لا يوجد مع مجاوزتها لها، ولكن لا قائل به، هكذا ذكره، لكن العراقيين والصَّيْدَلاَنِي وغيرهم اعتبروا ما قلناه، وضبطوا التَّبَاعُدَ بِأَنْ يكون حَيْثُ تختلف المَطَالِعُ كـ"العراق" و"الحجاز" و"خراسان" والتَّقارب بأن لا تختلف كـ"بغداد" و"الكوفة" و"الري" و"قزوين"، ومنهم من اعتبر اتحاد الإقليم واختِلاَفه (?).

ويتفرَّعُ على الوَجْهين فرعان:

أحدهما: لو شرع في الصَّوْم فِي بلدٍ ثُمَّ سَافَرَ إِلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ لم ير الهِلاَل فيه في يَوْمِهِ الأول فإن قلنا: لكل بَلْدَةٍ حكمها فهل يلزمه أن يصوم معهم أم يفطر؟ فيه وجهان:

أظهرهما: وبه قال القَفَّال وهو المذكور في الكتاب: أنه يَصُومَ مَعَهُمْ؛ لأنه بالانتقال إلى بلدتهم أخذ حكمهم وصار من جملتهم، وقد روي أن ابن عباس -رضي الله عنهما- أمر كريباً بأن يقتدى بأهل المدينة" (?).

والثاني: أنه يفطر؛ لأنه التزم حكم البلدة الأُولى، فَيَسْتَمِر عليه، وشبه ذلك بمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015