قال في "التهذيب" وهو الأصح؛ لأنه لَيْسَ بخبر من كُلِّ وجه بدليل أنه لا يَكْفِي أن يقول: أَخْبَرَنِي فلانٌ عن فلانٍ أنه رأى الهلاَل، وعلى هذا فهل يشترط إخبار حُرَّيْنِ ذكرين أم يكفي امرأتان وعبدان؟ فيه وجهان:

أظهرهما: الأول. ونازع الإمامُ في أنه لا يَكْفِي قوله: أخبرني فلان عن فلان على قولنا أنه رواية.

وإن قلنا: إن طريقه طَرِيقُ الشَّهادة، فهل يكفي واحد أم لا بد من اثنين؟ فيه وجهان، المذكور في "التهذيب" منهما هو الثاني. ولنعد إلى ما في لفظ الكتاب.

قوله: (أما السبب فرؤية الهلال) يشعر ظاهره بالحصر، لكن الحصر غير مراد منه بل استكمال شعبان في معنى رؤية الهلال على ما بَيّناه، والتحقيق أن السَّبب شهود الشهر لا هَذَا ولا ذَاك، ولكنهما طَرِيقان لمعرفة شهود الشَّهْرِ ولا يلحق بهما ما يقتضيه حساب المنجم، فلا يلزمه به شَيْءٌ لا عليه وَعَلَى غَيْرِه.

قال القاضي الرّويَانِي: وكذا من عَرَفَ مَنَازِلَ القمر لا يلزمه الصَّوْمُ بِهِ في أصح الوجهين. وأما الجواز فقد قال في "التهذيب": لا يجوز تقليد المنجم في حِسَابه لا في الصوم ولا في الإفْطَار. وهل يجوز له أن يعمل بحساب نفسه؟ فيه وجهان: وفرض الرُّويَانِي الوجهين، فيما إذا عرف نازل القمر، وعلم به أن الْهِلاَل قد أَهَلَّ وذكر أن الجواز اختيار ابْنِ سُرَيْج والقَفَّالِ وَالْقَاضِي الطَّبَرِي، قال: ولو عرفه بالنُّجُوم لم يجز أن يَصُومَ بهِ قولاً وَاحِداً. ورأيت في بعض المُسْوَدَّاتِ تعديَةَ الْخِلاَف في جَوَازِ العَمَل بهِ إلى غَيرِ المنجم، -والله أعلم-.

وسنذكر فائدة الجواز حيث حكمنا به من بعد.

وقوله: (وإن كانت السماء مَصْحِيَّة) مُعَلَّم بالحاء.

وقوله: (يَثْبُتُ بشَهَادَةِ وَاحِدٍ) بالميم. وكذا قوله: (ويثبت بمن تقبل روايته) بما سبق والأغلب على الظَن أنه قصد أن يورد الخلاف في المسألة كما أورده في "الوسيط" وهو حكاية ثلاثة أقوال في قبول قَوْلِ الواحد:

أحدها: أنه لا يقبل.

والثاني: بِشَرْطِ أن يكون من أهْلِ الشَّهَادة.

والثَّالث: يُقْبَلُ إذا كان من أهل الرواية، ثم إنه أغفل الأول وأرد الأخيرين، وهما مفرعان على قبول قَوْل الواحد، ولو أعلما بالواو لمكان الأول جاز، ثم الجمهور أوردهما وجهين لا قولين نعم ذكر الصَّيْدَلاَنِي أنهما قولان عن تخريج ابْن سُرَيْج، فيجوز تنزيلهما عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015