قال الغزالي: وَالنَّظَرُ فِي الصَّوْمِ وَالفِطْرِ (أَمَّا الصَّوْمُ) فَالنَّظَرُ فِي سَبَبِهِ وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَسُنَنِهِ (أَمَّا السَّبَبُ) فَرُؤْيَةُ الهِلاَلِ وَيَثْبُتُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَإِنْ كَانَتِ السَّمَاءُ مُصْحِيَةَ وَيَثْبُتُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ عَلَى قَوْلِ احْتِيَاطاً لِلْعِبَادَةِ بِخِلاَف هِلاَلِ شَوَّالٍ، وَيثْبُتُ بِمَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ عَلَى قَوْلٍ سُلُوكاً بِهِ مَسْلَكَ الأَخْبَارِ، فَإِنْ صُمْنَا بِقَوْلِ وَاحِدٍ وَلَمْ نَرَ هِلاَلَ شَوَّالٍ بَعْدَ ثَلاَثِينَ لَمْ نُفْطِر بِقَوْلهِ السَّابِقِ، وَقِبلَ: نَفْطِرُ لِأَنَّ الأخِيرَ يَثْبُتُ ضِمْنًا لِثُبُوتِ الأَوَّلِ لاَ قَصْداً بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ.
قال الرافعي: قال الله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (?) الآيات، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ" (?) الحديث، وذكر للأعرابي الذي سأله عن الإسلام: "صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ فَقَالَ: لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ" (?).
وقوله: في صدر الكتاب: (والنظر في الصوم والفطر) لم يعن به مطلق الصَّوْمِ والفِطْر، وإنما عني بهِ صَوْمَ رَمَضَان، والفطر الواقع فيه، ألا ترى أنه قال في آخر الكتاب: (أما صَوْمُ التطوع فكذا) أشار إلى أن ما سبق كلام في الصَّوم المفروض، وأيضاً فإنه قال: (والنظر في سببه) ومعلوم أن المذكور سَبَبُ صَوْمِ رَمَضَان لا سبب مطلق صَوْمِ الفَرْضِ وهو أعم منه، وهو الصوم.
وأيضاً فإن القسم الثاني معقود في مبيحات الإفْطَار وموجباته، وهي مخصوصة