قال الرافعي: روى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنَ الْغُلِّ" (?) وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى عُنُقِهِ وُقِيَ الْغُلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (?) "] (?).

وهل يمسح بماء جديد، أم بما يبقى من بلل مسح الرأس، أو الأذن؟ بناه بعضهم على وجهين في أن مسح العنق سنة أم أدب، إن قلنا: سنة مسح بماء جديد وإن نقلنا: أدب مسح بالبلل الباقي. واعلم أن السُّنة والأدب يشتركان في أصل الندبية، والاستحباب، لكن السنة ما يتأكد شأنها، والأدب دون ذلك، ثم اختيار القاضي الروياني: أنه ينبغي أن يمسحه بماء جديد، وميل الأكثرين إلى أنه يكفي مسحه بالبلل الباقي، وهو قضية كلام المسعودي، وصاحب "التهذيب"؛ لأن المسعودي قال: إنه غير مقصود في نفسه، بل هو تابعٌ للقَفَا في المسح والقفا تابع للرأس؛ لتطويل الغُرَّة. وقال صاحب "التهذيب": يستحب مسحه؛ تبعاً للرأس، أو الأذن إطالةً للغرة، وإذا كان استحبابه لتطويل الغرة، كفى فيه البلل الباقي (?) -والله أعلم-.

قال الغزالي: وَأنْ يُخَلَّلَ أَصَابعَ الرِّجْلَينِ بِخنْصِرِ اليَدِ اليُسْرَى مِنْ أَسْفَلِ أَصَابعِ الرِّجْلِ اليُمْنَى وَيَبتَدِئُ بِخِنْصِر اليُمْنَى وَيَخْتُمِ بِخِنْصِرَ اليُسْرَى.

قال الرافعي: من سنن الوضوء: تخليلُ أصابع الرجلين في غسلهما؛ لما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال للقيط بن صبرة: "إِذَا تَوَضَّأتَ فَخَلِّلِ الْأَصَابع".

وهذا إذا كان الماء يصل إليها من غير تَخْلِيلٍ، فلو كانتِ الأصابع ملتفة لا يصل الماء إليها إلا بالتخليل، فحينئذ يجب التخليل، لا لِذَاتِهِ، لكن الأداء فرض الغسل، وإن كانت ملتحمة لم يجب الفَتْقُ، ولا يستحب أيضاً، والأحب في كيفية التخليل: أن يخلل بخنصر اليد اليسرى من أسفل الأصابع، مبتدئًا بخِنْصَرِ الرِّجْل اليمنى، ومختتماً بخِنْصَر اليسرى، وَرَدَ الخبر (?) بذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذلك ذكره الأئمة، وعن أبي طاهر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015