قال الرافعي: يستحب مَسْحُ الأُذُنَيْن؛ لما روى: "أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- مَسَحَ فِي وُضُوئِهِ بِرَأْسِهِ وَأُذَنَيهِ، ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا، وَأَدْخَلَ إِصْبَعَيهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ" (?).
وينبغي أن يمسحهما بماء جديد؛ لما روى عن عبد الله بن زيد، في صفة وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ أُذُنَيهِ بِمَاء غَيْرِ المَاءِ الَّذِي مَسَحَ بِهِ الرَّأْسَ" (?).
وليس من الشرط أن يأخذ ماءً جديداً حينئذ؛ بل لو أمسك بعض أصابعه من البلل المأخوذ لمسح الرأس، ومسح به الأذنين تأَدَّت هذه السنة؛ روى "أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- "أَمْسَكَ بسَبَّابَتَيْهِ، وإبْهَامَيْهِ عَنِ الرَّأْسِ؛ لِمَسْحِ الأُذُنيْنِ، فَمَسَحَ بِسَبَّابَتَيْهِ بِاطِنَهُمَا، وَبِإِبْهَامَيْهِ ظًاهِرَهُمَا" (?)، ويمسح الصِّمَاخَيْنِ بماء جديد أيضاً نص عليه؛ لأنه من الأذن، كالفم والأنف من الوجه، وحكى قول آخر: أنه يكفي مَسْحُه ببقية بلل الأذن؛ لأن الصِّمَاخَ من الأذن، والأحبُّ في إقامة هذه السنة أن يدخل مسبحتيه في صِمَاخَيْه، ويديرهما على المَعَاطف، ويمر إبهاميِه على ظهورهما، ثم يلصق كفيه، وهما مبلولتان بالأذنين استظهاراً. ولك أن تعلم قوله: "وأن يمسح أذنيه" بالألف؛ لأن أحمد قال بوجوبه، وبالميم؛ لأن مالكاً قال في رواية: هما من الوجه يُغْسَلاَن معه، ولا يُمْسَحان.
وقوله: "بماء جديد" بالحاء لأن أبا حنيفة يقول: هما من الرأس يمسحان بالبلل المأخوذ للرأس (?)، وبالميم، لأن مالكاً: يقول في رواية هما من الوجه يمسحان بالبَلَلِ الباقي عن غسل الوجه (?) وبالألف، لأن أحمد مع قوله "بالوجوب" يجوزه بالمأخوذ لمسح الرأس، وعن مالك روايتان، أخريان أحداهما: مثل مذهبنا، والأخرى مثل مذهب أبي حنيفة.
قال الغزالي: وأنْ يَمْسَحَ الرَّقَبَةَ.