متحولة عنه، وإنما الزَّوج كالضَّامن لها، فإذا لم يقدر على الأداء بقي الوجوب على السَّيد، كما كان.
والثَّاني: أن الأمة إذا لَمْ تكن واجبة التَّسليم، كان السيد مُتَبَرِّعاً بتسليمها، فلا يسقط عنه بتبرعه ما كان يلزمه لَوْلاَ التَبرّع. ولو نَشَرَت المرأة وسقطت فطرتها عن الزَّوْجِ لسقوط النفقة، فقد قال الإمام: الوجه عندي القطع بإيجاب الفِطْرَة عَلَيها، وإن حكمنا بأنَّ الوُجُوبَ لا يلاقيها؛ لأنها بالنشوز أخرجت نَفْسَها عَنْ إِمْكَانِ التَّحَمُّلِ. فرعان:
أحدهما: زوج الأمَةِ إن كانَ موسراً فحكم فطرتها حُكْم نَفَقَتِهَا، وسيظهر ذلك في موضعه -إن شاء الله تعالى-.
والثاني: أن خادمة الزَّوْجة إن كانت مُسْتَأْجِرَةً، لم يجب على الزَّوْج فِطْرَتُهَا، وإن كانت من إمائه وجبت؛ لأنها مملوكته، وإن كانت من إماء الزَّوْجة، والزوَج ينفق عليها ففطرتها وَاجِبَةٌ عليه نظراً إلى أنه يَمُونَها، نَصَّ عليه في "المختصر".
وقال الإمام: الأصح عندي أنها لا تَجِب؛ لأن نفقة الخَادِمة غير مُسْتَقِلة، إذ يمكلنه تَحْصِيل الغَرَضِ بِمُتَبَرِّعَةٍ أَوْ مُسْتَأجَرَةٍ.
الصُّورة الثانية: لو أخرجت الزَّوجَة زَكَاةَ نَفْسِهَا مَعَ يَسَارِ الزَّوْجِ دُون إِذْنِهِ ففي إجزائه وَجْهَان:
إن قلنا: الزَّوْجُ مُتَحَمِّلٌ أَجْزَأ وإلاَّ فَلاَ، ويجري الوجهان فيما لو تَكَلَّف مِنْ فِطْرته على قَرِيبه باستقراضٍ وغيره، وأَخْرَجَ مِنْ غَيْرِ إذنه، والوَجْهُ الأَوَّلُ هو المنصوص عليه في "المختصر".
ولو أخرجت الزَّوجَة أو القريب بإذْنِ مَن عَلَيْهِ جَازَ، بِلاَ خِلاَف، بل لو قال الرجل لغيره: أدِّعني فِطْرتي ففعل جَاز، كما لَوَ قال: أَقْضِ دَيْنِي، ذكره في "التهذيب".
وقوله في الكتاب: (لأن الزوج أصل لا متحمل) ليس تعليلاً لِوَجْهِ المنع بشيء يساعد عليه، بل الغرض منه التَّنْبِيه عَلَى مَبْنَى الوَجْهَيْنِ. واعلم: أن الصُّورة الثَّانية، ليس لها كَثِير تَعَلُّقِ بالأصْلِ المستثنى منه، وإنَّمَا المتعلق به الأولى، فإن الفِطْرَة فارقت النَّفقة حَيْثُ لم تَلْزُم الزَّوْجَ المُعْسِر، والنَّفقة لازمة مستقرة.
قال الغزالي: الرَّابِعَةُ البَائِنُ الحَامِلُ تَسْتَحِقُّ الفِطْرَةَ، وَقِيلَ: إِذَا قُلْنَا: إِنَّ النَّفَقَةَ لَلْحَمْلِ فَلاَ تُسْتَحَقُّ.
قال الرافعي: يجب فطرة الرجعية كنفقتها، وأما البَائِنة: فإن كانت حَائِلاً، فلا نَفَقَةَ ولا فِطْرَة، وإن كَانَتْ حَامِلاً، ففي فطرتها طريقان: