بالتَّصرف أو وردت بالتَّصرف على الكُلِّ؛ لأنا وإنْ حكمنا بالفساد في قدر العُشْر فلا نعديه إلى البَاقي على ما سيأتي في باب تَفْرِيق الصَّفقة، فهذا حكم التَّصَرف بعد الخرص، وأما قبله فقد قال في "التهذيب": لا يجوز أن يأكل شيئاً ولا أن يصرف في شيء، فإن لم يبعث الحاكم خارصاً، أو لم يكن حاكم تَحَاكم إلى عَدْلَين يخرصا عليه.

واعلم أن مَنْ أَجَاد النظر في قولي العبرة والتضمين وتأمل ما قيل فيهما تَفْسيراً وتوجيها ظهر له أنهما مبنيان على تعلّق الزكاة بالعين، فأما إذا علقناها بالذِّمَّة فكيف نقول بالخَرْص ينقطع حقّهم عن العين ويتعلق بالذمة وكان قبله كذلك.

وقوله في الكتاب: "ولم ينفذ في العشر" يجوز إعلامه بالواو، لأنا وإن علقنا الزَّكاة بالعَيْن فقد ينفذ التَّصَرُّف على بعض الأقوال على ما بيناه من قبل.

قال الغزالي: وَمَهْمَا ادَّعىَ المَالِكُ جَائحَةً مُمْكنَةً صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإنِ ادَّعىَ غَلَطَ الخَارِصِ صُدِّقَ أَيْضاً إلاَّ إِذَا ادَّعىَ قَدْراً لاَ يُمْكِنُ الغَلَطُ فِيهِ أَوِ ادَّعَى كَذِبَهُ قَصْداً.

قال الرافعي: إذا ادعى المالك هلاك الثِّمَار المخروصة عليه أو هلاك بعضها، نظر إن أسنده إلى سبب يكذبه الحس (?) فيه كما لو قال: هلك بحريق وقع في الجَرين، ونحن نعلم أنه لم يقع في الجَرِين حريق أصلاً، قال: فلا يبالي بكلامه، وإن لم يكن كذلك، نظر إن أسنده إلى سبب خفي كالسرقة فلا يكلف بالبينة عليه ويقبل قوله مع اليمين. وهل هي واجبة أو مستحبة؟ فيه وجهان: قال في "العدة" وغيره: أصحهما الثاني، وإن أسند إلى سبب ظاهر كالنّهب والبَرْد والجَرَاد ونزول العسكر، فإن عرف وقوع هذا السبب وعموم أثره صدق ولا حاجة إلى اليمين، فإن اتَّهم في هلاك ثماره بذلك السّبب حلف وإن لم يعرف وقوعه فوجهان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015