تختلف فثمر النخل يجزُّ بِتِهَامة، وهو بِنَجْد بِسْرٌ وبَلَح فيضم بعد ذلك إلى بعض؛ لأنها ثمرة عام، وإن كان بينهما الشهر والشهران (?). فإن قلنا بالوجه الثاني فلو كان إطلاع الثاني قبد الجُذَاذِ وبعد بُدُوِّ الصَّلاح فهو أَولى بالضم، وإن قلنا بالأول فهاهنا وجهان:

أحدهما ويحكى عن أبي إسحاق: أنه لا يضم لحدوث الثاني بعد وجوب الزكاة في الأول فصار كثمرة عامين، وذكر في "التهذيب" أن هذا أصح.

والثاني: يضم لاجتماعهما على رأس النخيل كما لو أطلع قبل زُهُوِّ الأول، ثم اختلف الصائرون إلى الوجه المذكور في الكتاب وهو اعتبار الجُذَاذ في أن وقت الجُذَاذ هل يقام مقام الجذاذ؟ على وجهين:

أحدهما: لا يقام لاجتماع الثَّمرتين قبل الجُذَاذ على رأس النخيل.

وأفقههما وهو الذي ذكره الصيدلاني: أنها تقام مقام الجُذاذ، فإن الثمار بعد دخول الوقت كالمجذوذة، ألا ترى أنه لو أطلعت النخلة العام الثاني، وقد تركت بعض ثمرة العام الأول عليها لا يثبت الضم، فعلى هذا قال إمام الحرمين للجذاذ أول وقت ونهاية ترك الثمار إليها أولى وتلك النهاية أحق بالاعتبار.

قال الغزالي: وَلَوْ ضَمَمْنَا نَخْلَةً إلَى أُخْرَى فَجَدَّت الَّتي أَطْلَعَتْ أَوَّلاً ثُمَّ أَطْلَعَتْ ثَانِياً قَبْلَ جَدَادِ الثَّانِيَةِ لَمْ نَضُمَّهَا إلَى الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا ضَمًّا إلَى الأُولَى وَقَدْ أَطْلَعَتْ بَعْدَ جَدَادِهَا وَذَلِكَ يَتَسَلْسَلُ فَلاَ تُضَمُّ إلَى الثَّانِيَةِ.

قال الرافعي: أذكر المسألة في قالب المثال الذي ذكره الشافعي -رضي الله عنه- وتابعه الأصحاب فيه، ثم أعود إلى عبارة الكتاب فإن فيها لبساً.

اعلم: أن من المواضع التي يختلف إدراك الثمار فيها بحسب اختلاف الأهوية تِهَامة ونَجْد، فتهامة بلاد حارة، ونجد بلاد باردة، وثمر النخيل بتهامة أسرع إدراكاً منها بنَجْد، فإذا كانت للرجل نخيل تِهَامية وأخرى نَجْدية فأطلعت التِّهَامية ثم أطلعت النجدية لَذلك العام، واقتضى الحال ضم ثمرة النجدية إلى ثمرة التهامية على ما فصلناه في الفَصْل السابق فضممناها إليها، ثم أطلعت التهامية مرة أخرى فلا تضم ثمرة هذه المرة إلى ثمرة النجدية، وإن طلعت قبل بدو الصلاح فيها، لأن في ضمها إلى النجدية ضماً إلى ثمرتها المرة الأولى ولا سبيل إليه؛ لأن ثمرتها المرة الثانية إما حمل ثان على تصوير أن تكون تلك التِّهاميات ممَّا تحمل في كل سنة مرتين، وإما حمل سنة ثانية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015