في الكتاب، وكيف ما كان فله شبه من الحِنْطة وشبه من الشعير، وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه يضم إلى الشَّعير لما له من شبهه، ويحكى هذا عن صاحب "الإفصاح"، وصاحب "التقريب" وبه أجاب أقضى القضاة المَاوِرْدِي في "الأَحْكَام السُّلْطَانية".
وثانيها: أنه يضم إلى الحِنْطَة لما له من شبهها.
وأظهرها: وهو اخْتيار القَفَّال فيما حكى الصَّيدَلاَنِيّ: أنه أصل بنفسه لا يضم إلى واحد منهما؛ لأنه اكتسب من تركُّب الشبهين طبعاً ينفرد به، وصار أصلاً برأسه، وهذا ما حكاه القاضي أَبو الطَّيِّب عن نصه في البُوِيطي. ولك أن تعلِّم قوله: "يضم إلى الحنطة" لأنه على طبعها بالواو، لأن أبا سعيد المتولي قال: لا خلاف في أنه لا يضم إلى الحِنْطة، والخلاف في أنه أصل بنفسه أو يضم إلى الشعير، وقد وصف واصفون السُّلْت بأن فيه حُمُوضة يسيرة، لكنه ليس بالذي يسمى بالفَارِسِيّة "ترش جو" فإنه شعير على التَّحقيق، ذكره الإمام، قال: وما عندي أن السُّلْت المذكور في الكتب موجود في هذه الديار.
قال الغزالي: وَلاَ يُكْمِلُ مِلْكُ رَجُلٍ بمِلْكِ غيْرِهِ إِلاَّ الشَّرِيكَ وَالجَارَ إِذَا جَعَلْنَا لِلخُلْطَةِ فِيهِ أَثَرَاً.
قال الرافعي: ذكرنا في "باب الخلطة" الخلاف في أن الخَلْطَة هل تثبت في الثمار والزروع أم لا؟ وإن ثَبَتَتْ فهل تثبت الخلْطَتان أو لا تثبت إلا خلطة الشُّيُوع؟ والظاهر ثبوتهما جميعاً، فإن قلنا: لا تثبتان فلا يكمل مِلْك رجل بِمِلْك غيره في حق النّصاب، وإن قلنا: تثبتان فيكمل ملك الرجل بملك الشريك والجار، ومما يتفرع على هذا الاختلاف: لو مات إنسان وخلف ورثة ونخيلاً مثمرة أو غير مثمرة، وبَدَا الصَّلاحَ في الحالتين في ملك الورثة إن قلنا: لا تثبت الخلطة في الثمار فحكم واحد منهم منقطع من غيره، فمن بلغ نصيبه نصاباً فعليه الزَّكَاة، ومن لم يبلغ نصيبه نصاباً فلا شيء عليه، ولا فرق بين أن يَقْتَسِمُوا أَو لاَ يقتسموا، وإن قلنا: تثبت الخلطة فقد قال الشَّافعي -رضي الله عنه- إن اقتسموا قبل بدو الصلاح سقط حكم الخلطة، وزكوا زكاة الانفراد، فمن لم يبلغ نصيبه نصاباً فلا شيء عليه، وهذا إذا لم تثبت خلطة الجوار أو أثبتناها وكانت متباعدة.