ولكن يؤخذ الواجب فيه، وهذا كما في العَلسْ والأُرْز، أما العَلَسْ فقد قال الشافعي -رضي الله عنه- في "الأم": إنه بعد الدِّيَاسة يبقى على كل حَبَّتَيْن منه كمام لا يزول إلا بالرَّحَى الخفيفة أو بالمِهْرَاس وادخاره على ما ذكره أهله في ذلك الكِمَامِ أصلح له، وإذا أزيل كان الصَّافي نصف المبلغ فلا يكلف صاحبه إزالة ذلك الكِمَام عنه، ويعتبر بلوغه بعد الدِّيَاس عشرة أوسق، ليكون الصافي منه خمسة أوسق. وأما الأرز فيدخر أيضاً مع قشره، فإنه أبقى له فيعتبر بلوغه مع القشر عشرة أوسق. وعن الشيخ أبي حامد أنه قد يخرج منه الثلث فيعتبر بلوغه قدراً يكون الخارج منه نصاباً.
قال الغزالي: وَلا يُكْمَلُ نِصَابُ جِنْس بِجِنْس آخَرَ (م)، وَيُكْمَلُ العَلَسُ بِالحِنْطَةِ فإنَّهُ حِنْطَةٌ حَبتَانِ مِنْهُ فِي كِمَاِمٍ وَاحِدٍ وَالسَّلْتُ قِيلَ: إنَّهُ يُضَمُّ إلَى الشَّعِيرِ لِصُورَتهِ، وَقِيلَ يُضَمُّ إلَى الحِنْطَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى طَبْعِهَا، وَقِيل: هُوَ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ.
قال الرافعي: لا يضم التَّمر إلى الزبيب في تكميل النّصاب، ويضم أنواع التمر بعضها إلى بعض، وكذلك أنواع الزبيب، ولا تضم أيضاً الحِنْطَة إلى الشَّعير ولا سائر أجناس الحبوب بعضها إلى بعض خلافاً لمالك حيث قال: تضم الحِنْطَة إلى الشَّعير، وتضم القُطْنِيَّة بعضها إلى بعض، ولا يُضَمَّان إلى القطْنِية، ولأحمد حيث قال: يُضَم أحدهما إلى الآخر، وَيُضَمَّان إلى القُطْنية أيضاً، والقطنية هي العَدْس والحِمِّص ونحوها، سميت بذلك لقُطُونها في البيوت.
لنا أن كل واحد من أصناف الحبوب منفرد باسم خاصٍّ وطبع خاص لا يضم بعضها إلى بعض كما لا يضم الزَّبِيب إلى التمر، ويضم العَلَسْ إلى الحِنْطة فإنه نوع من الحِنْطة، وإذا نحيت الأكْمَة التي يحوي الواحد منها حبتين خرجت الحِنْطة الصافية، وقبل التَّنحية لو كان له وَسْقاً علس وأربعة أوسق من الحِنْطة فقد تم النصاب، ولو كان له ثلاثة أوسق من الحنطة فإنما يتم النصاب بأربعة أوسق من العَلَسْ وعلى هذا القياس.
وأما السُّلْت فقد اختلفوا في وصفه أولاً فذكر العراقيون أنه حب يشبه الحِنْطة في اللّون والنُّعُومة والشَّعير في برودة الطَّبع، وتابعهم في "التهذيب" على ما ذكروا، وعكس الصَّيدلاني وآخرون فقالوا: إنه في صورة الشَّعير وطبعه حَارٌّ كالحِنْطَة (?)، وهذا ما ذكره