والثاني: القطع بنفي الزكاة فيها، وينقل ذلك عن حكاية أبي إسحاق. والفرق أن ملك المالك في المغصوب ونظائره مستقر غير معرض للزوال، وملكه في اللُّقطة بعد سنة التعريف تعرض للإزالة، وإن تملكها الملتقط فليس على صاحبها زكاتها وهو يستحق القيمة على التملك لكنها في حقه ملك ضال ففي وجوب زكاتها الخلاف من وجهين:

أحدهما: أنه دين.

والثاني: أنه غير مقدور عليه فهو كالأعيان التي لا يقدر عليها، ثم الملتقط مديون بالقيمة فإن لم يملك غيرها ففي وجوب الزكاة عليه الخلاف الذي نذكره في أن الدَّيْن هل يمنع وجوب الزَّكَاة وإن ملك ما بقي بالقيمة، ففي الوجوب وجهان مبنيان على ما سبق.

أظهرهما وأشهرهما: الوجوب، وإن قلنا: أن الملك فيها يحصل بالتصرف ولم يتصرف، فالحكم كما إذا لم يتملك. وقلنا: لا بد منه. واعلم: أن الملتقط لو رد اللُّقْطة بعد ظهور المالك تعين عليه القبول، وفي تمكن الملك من استردادها قهراً وجهان، وهذا يوجب أن تكون القيمة الواجبة بعرض السقوط وحينئذ لا يبعد التردُّد في امتناع الزكاة كالتردُّد في وجوب الزكاة على الملتقط مع الحكم بثبوت الملك له لكونه يعرض للزوال. وإذا عرفت المسألتين لم يَخْفَ عليك أنَّ المراد من الخلاف الذي أبهم ذكره طريقان:

أظهرهما: في كلام الأصحاب في المسألة الأولى: القطع بالوجوب.

والثَّاني: إثبات القولين:

وأظهرهما في الثانية: إثبات القولين.

والثاني: القطع بالمنع.

وقوله: "إذا لم يتملكها الملتقط" أي بعد التعريف سنة، فإن التسلط حينئذ يثبت.

قال الغزالي: وَإِذَا اسْتَقْرَضَ المُفْلِسُ مَائَتَيْ دِرْهَم فَفِي زَكَاتِهِ قَوْلاَنِ: وَجْهُ المَنْعِ: صَعْفُ المِلْكِ لِتَسَلُّطِ مُسْتَحِقِّ الدَّيْنِ عَلَيْهِ وَقَدْ يُعَلَّلُ بأَدائِهِ إِلَى تَثْنِيَةِ الزَّكَاةِ إِذْ يَجِبُ عَلَى المُسْتَحِقِّ بِاعْتِبَارِ يَسَارِهِ بِهَذَا المَالِ، وَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ المُسْتَحِقُّ بِحَيْثُ لاَ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ لِكوْنهِ مُكَاتِباً أَوْ يَكُونُ الدَّيْنُ حَيَوَاناً أَوْ نَاقِصاً مِنَ النِّصَابِ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ عَلَى المُسْتَقرِضِ، فَإِنْ كَانَ المُسْتَقْرِضُ غَنِيّاً بِالعَقَارِ وَغَيْرِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ (زح م) وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِالدَّيْنِ، وَقِيلَ: الدَّيْنُ لاَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ إِلاَّ فِي الأَمْوَالِ البَاطِنَةِ (ح).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015