أحدهما: ولم يذكر الأكثرون سواه نعم لقلّة صبرهن وكثرة جَزَعهن. وقد روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ" (?).
والثاني: لا. قال الرُّوياني في "البحر": وهذا أصح عندي إذا أَمِنَ الافْتِتَان.
والسُّنَّة أن يقول الزَّائر: سلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله عن قريب بكم لاحقون، اللَّهم لا تحرمنا أَجْرَهُم، ولا تَفْتِنَّا بعدهم (?).
وينبغي أَنْ يَدنو الزَّائر مِنَ القَبْرِ المَزُور بقدر ما يدنو من صاحبه لو كان حيًّا وزاره، وسئل القَاضِي أبِي الطَّيب عن ختم القُرْآن في المَقَابِر، فقال: الثَّواب للقارئ ويكون الميِّت كالحَاضِرِين يرجى له الرحمة والبركة فيستحبُّ قراءة القرآن في المَقَابر لهذا المعنى، وأيضاً فالدُّعَاء عقيب القراءة أقرب إلى الإجابة والدعاء ينف الميت.
الثالثة: لا يجوز نَبْش القبر إلا في مواضع:
منها: أن يبلى الميت ويصير تراباً، فيجوز نبشه ودفن غيره فيه، ويرجع في ذلك إلى أهل الخِبْرة، ويختلف باختلاف أهوية البلاد وأرضها، وإذا بَلِيَ الميت لم يجز عمارة القبر وتسوية التُّراب عليه في المقابر المُسْبَلة، لئلا يتصور بصور القبور الجديد فيدفن فيه من شاء ميته. ومنها: أن يدفن إلى غير القِبْلَة وقد سبق.
ومنها: أن يدفن من يجب غسله من غير غسل، فظاهر المَذْهَب وهو المذكور في الكِتَاب أنه يجب النَّبش، تداركاً لواجب الغسل، وعن صاحب "التقريب" حكاية قول: أنه لاَ يجب ذلك بل يكره لما فيه من هَتْك الميت، وعلى الأول متى يخرج للغسل؟ فيه وجهان مذكوران في "العدة":
أظهرهما: وهو المذكور في "النهاية" و"التهذيب" ما لم يتغير الميِّت.
والثاني: ما دام يبقى جزء منه من عَظْم وغيره.
وعند أبي حنيفة ولو أهيل عليه التراب لم ينبش إلا نبش للغسل، فلذلك أعلم قوله: "أو دفن من غير غسل" بالحاء مع الواو.
ومنها: لو دفن في أرض مَغْصُوبة فالأولى لصاحبها أن يتركه، فإن أبى وطلب