، وهو لايقل أهمية عن الأثر الآخر في تحقيق مقصد القرآن الأعظم وتقريره في النفوس، لتنبعث إلى ما يراد منها ولها.

بغير هذا الأثر قد لا يتسارع إلى النفس توغل الأثر الموضوعيّ القائم برسالة الإعلام بما يريده الله - سبحانه وتعالى - – مِنَّا ولنا.

وهذا الأثرُ قد يكونُ أظهرَ وأسرعَ إدراكا من الأثر الموضوعيّ المتعقَّل، كما نراه في موقف غير قليل من أصحاب الفطر والحس المتيقظ ممن لا يفقهون أصول البيان بالعربية، وهم يستمعون ترتيل القرآن الكريم، فيتأثرون بما يسمعون، ولا يفقهون أثره الموضوعيّ المتعقَّل.

يقول " جان جاك روسّو " (1712-1778 م) في كتابه (محاولة في أصل اللغات) :

« ... إنّك لترى الذي له بعض معرفة باللغة العربية يبتسم إذ يتصفح القرآن، ولعمري، إنّه لو أنْصَتَ إلى محمد يقرأه بنفسه في تلك اللغة البليغة الموقَّعة، وبذلك الصوت الجهوريّ المقنع الذي كان يستهوِي الأذن قبل أن يستهوِي القلب، ولو أنصت إليه إذ لاينفكُّ ينفثُ فِي حكمِه نبرةً وحماسًا لسجد على الأرضِ من الرهبة، ثُمَّ لناداه: ألا، أيها النبي الأعظم، ألا، يارسول الله خذنا إلي المجد والشهادة: نريد أن نغلب أو نموت في سبيلك» (?)

هذا الذي يحدثك عنه " روسو" أثر انطباعيّ " قائم في البيان القرآنيّ يزيدك إدراكا له، ويسارع به إلى قلبك ترتيلُ القاري وتغنِّيه مما يبعث فيضًا من الاستحسان للبيان القرآنيّ إلى قلبك، وكأنَّك قد فقهت بما قاله " روسو" شيئًا مما جاء عن النبيّ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا – مرفُوعًا من الأمر بتزيين القرآن الكريم بأصواتنا.

عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"زينوا القرآن بأصواتكم. (البخاري تعليقا- كتاب: التوحيد)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015