نصر، الأول لازم، والثاني متعد، وتفاسير العرية عديدة ذكرها في فتح الباري، قال الشافعي: العرايا بالأشجار التي أعطى صاحب البستان لأكل الرطب التي على رؤوس الأشجار خرصاً بدل التمر المجذوذ، فإن الرجل إذا كان عنده تمر مجذوذ ويشتهي قلبه أن يأكل الرطب في زمان النخيل فذهب عند صاحب البستان ليشتري الرطب بدل التمر فيجوز له ذلك البيع إلى خمسة أوسق لهذا الاشتهاء، فيكون هذا استثناءاً عن المزابنة أي يحرم بيع الثمار على رؤوس الأشجار بتمر مجذوذ إلا في خمسة أوسق، ثم قال الشافعي: يشترط الكيل في التمر والخرص في الرطب، فالعرايا هي الأشجار التي أفرز له صاحب البستان ليأكله، ثم قال الشافعية: إنه يجوز له أزيد من خمسة أوسق ولو ألف وسق في صفقات كل صفقة لا تزيد على خمسة أوسق ولمالك في العرية تفسيران أحدهما ما في موطئه، والثاني ما في كتاب الطحاوي وما ذكره الطحاوي، هو تفسير أبي حنيفة، فأحد تفسيريه أن لرجل نخيلاً كثيرةً في البستان ولرجل آخر عدة نخل في ذلك البستان، فذهب صاحب النخيل الكثيرة بعياله في البستان كما هو دأب العرب فضره إياب ذي النخيل القليلة وذهابه في البستان فقال لذي النخل القليلة: خذ عني تمراً بدل رطبك على تخيلك، فهذا البيع جائز لذي النخيل الكثيرة ولا يجوز لغير هذين الرجلين، فالعرايا هي الأشجار القليلة وفي هذا أيضاً يكون استثناءً من المزابنة. والتفسير الثاني للعرية عن مالك بن أنس أن يهب رجل صاحب البستان إعانة أو عارية بعض النخيل ثم ضرّه إياب الموهوب له وذهابه في البستان فيعطي الموهب له التمر المجذوذ بدل الرطب على رؤوس الأشجار، ويمنعه من الدخول في البستان، وهذا هو تفسير أبي حنيفة لفظاً بلفظ، والاختلاف في التخريج بأن معاوضة التمر والرطب عند مالك بيع فإنه إذا كان وهبه

الرطب ثبت ملك الموهوب له فإذا باعه بدل التمر يكون بيعاً، وقال أبو حنيفة: إنه إذا وهب بعض ثمر النخيل لم يثبت ملكه في ثمر النخيل بالتخلية فإن ملك الثمر لا يثبت إلا بقبض، ولا يثبت القبض إلا بالتخلية في صورة الهبة بخلاف بيع النخيل فإنه يثبت الملك فيه بالتخلية فقط، ففي هبة النخيل وبيع النخيل في ثبوت الملك فرق فإن الملك يثبت في البيع بالتخلية لا في الهبة ثم إذا أعطى مالك البستان التمر بدل الرطب على رؤوس الأشجار فلا يكون بيعاً بل استرداد وهبة وبدء هبة مستأنفة، وقال مالك: إنه بيع فليس الاختلاف إلا في التخريج، ومثل ما قال أبو حنيفة ومالك في تفسير العرية قال أحمد أيضاً، وهاهنا تفسير آخر عن أبي عبيد، وهو أن العرية هي الأوسق التي تخرج من مال الزكاة لأن يعطي من يشاء ولا يحملها إلى بيت المال وهي مصداق حديث: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» أي لا يحملها إلى بيت المال بل يتصدق بها على من يشاء بتعارفه هذه التفاسير التي يحتاج إلى ذكرها، وهذه التفاسير كلها مروية عن الصحابة بالأسانيد القوية بلا ريب، ثم يرد على تفسير الحنفية أنكم فسرتموها بالهبة، والحال أن في جميع طرق الأحاديث إما إطلاق البيع على العرية أو استثناء العرية من البيع، والأحاديث تبلغ إلى عدد من الطرق ثم هي على خمسة أنواع، وتحت كل نوع أفراد فإن في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015