خمسة أوسق مما أخرجت الأرض، وقال أبو حنيفة: ما أخرجت الأرض فيه العشر قلَّ أو كثر، وتمسك الحجازيون بحديث الباب، وأجاب صاحب الهداية أن في الحديث ذكر بيان زكاة مال التجارة وكان خمسة أوسق ذلك الزمان قدر مائتي درهم، أقول: إن جواب الهداية يخالفه ما رواه الطحاوي ص (315) ج (1) (ما سقت السماء أو كان سيحاً أو بعلاً فيه العُشر إذا بلغ خمسة أوسق) إلخ عن أبي بكر بن محمد عن أبيه عن جده، وتكلم المحدثون في سنده من جانب سليمان بن داود، قيل: إنه ابن أرقم وهو متروك، وقيل: إنه راوٍ آخر ثم رأيت في كتاب الديات لأبي بكر بن عاصم الظاهري أنه راوٍ آخر فيكون السند قوياً، وأجاب العيني بأن حديث الباب في المتفرقات (نده) ، وجواب العيني نافذ، لأن جمعه عليه الصلاة والسلام المتفرقات في بعض الأحيان ثابت، ولكن الظاهر رواية الطحاوي السابقة تخالفه فإن ظاهرها يدل على أنه عشر، والجواب أنه محمول على العرايا، والعرية تكون في خمسة أوسق، فلما أعطى رجل ما خرج من أرضه بطريق العرية فلا زكاة عليه فيما أعرى لأنه مثل من وهب بجميع ماله أو بعضه أنه لا زكاة عليه فيما وهب، فصح أنه لا عشر فيما دون خمسة أوسق لأنها عرية، وعندي قرائن تدل على أن الحديث في العرايا كما ذكرها، وتمسك الأحناف على مذهب أبي حنيفة بحديث عام رواه مسلم: «فيما أخرجت الأرض العشر» إلخ وقالوا: إن «ما» عامة فتعارض العام والخاص فترجح فرجحنا العام، أقول: إن الصحيح الاحتجاج بالرواية الخاصة في مقابلة الخاص فتحج بما رواه الطحاوي ص (213) ج (2) باب العرايا عن جابر بن عبد الله «وفي كل عشرة أقناء قنو يوضع
في المساجد للمساكين» إلخ، وما تمسك به أحد منا، والحديث قوي وأخرجه الحافظ في الفتح عن ابن خزيمة في الموضعين، ولم يخرج هذه القطعة في الموضعين، ولا أعلم باعث عدم إخراجه هذه القطعة، وأخرجه أبو داود أيضاً في سننه ص (241) إلا أن في ألفاظه نقصاناً حتى صار المراد مقلوباً وغلط المحشون في بيان المراد وفيه: أمر من كل حادّ عشرة أوسق من التمرقنو يعلق في المسجد للمساكين إلخ باب في حقوق المال، وعندي يحمل ما في أبي داود على ما في الطحاوي لأنه أصرح ومسألة الباب مما لا يمكن إخفاءه فإنه قد جرى عليها تعامل السلف فإنه مذهب مجاهد والزهري وإبراهيم النخعي، ونقل الزيلعي أنه مذهب عمر بن عبد العزيز خليفة الحق والخليفة الرشيد، وكتب إلى رعيته في البلاد أن يؤخذ العشر في كل قليل وكثير، ولم ينقل أن أحداً أنكر على عمر بن عبد العزيز فعلم أنه تلقاه الأمة بالقبول، وقال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي: إن ظاهر القرآن لأبي حنيفة وتدل عليه أربع آيات من {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] إلخ وغيرها، وأما تفقه أبي حنيفة فهو أن العشر كالخراج والخراج في القليل والكثير فيكون العشر أيضاً كذلك، وأما القرائن على