[625] أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السعاة أن لا يتعدوا على المُصَّدقين، وأمر أرباب الأموال أن لا يمنعوا الساعين من أموالهم، فإن الأمر دائر بين الطرفين كما قلت في إمامة من زار قوماً، وبعث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معاذاً إلى اليمن في السنة التاسعة ثم اختلف أنه هل يرجع من سفره أم لا؟ والنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارتحل إلى دار البقاء ومعاذ في اليمن وكان في اليمن مخلافان، على أحدهما معاذ بن جبل، وعلى ثانيتهما أبو موسى الأشعري.

قوله: (فإن هم أطاعوك فأعلمهم إلخ) استدل بعض الأحناف بحديث الباب على أن الكفار ليسوا بمخاطبين في الفروع، وأجاب الشافعية بأن المذكور في الحديث الترتيب لأنه يعلم الكافر الإسلام أولاً ثم ما بعده من الفروع، وأقول: إن في المسألة تفصيلاً بعضه في التحرير.

واعلم أن الشافعية والأحناف متفقون على أن الكفار مخاطبون بالإيمان والعقوبات أي الحدود والمعاملات، واتفقوا على أن الكافر إذا أسلم لا شيء عليه من قضاء ما مضى من الصلوات في حالة الكفر، والاختلاف في الصوم والصلاة والحج والزكاة في حال الكفر، فقال الشافعية والمالكية: إنهم مخاطبون بها، وقال العراقيون منا: إنهم مخاطبون، ومعنى كونهم مخاطبين أنهم يعذبون في جهنم على ترك ما يخاطبون به، وأما إذا أسلم المرتد فقيل: يجب عليه قضاء الصلوات الفائتة حالة الارتداد، وقيل: لا قضاء عليه، وأقول: إن للأحناف ثلاثة أقوال في كونهم مخاطبين بالفروع؛ قال العراقيون: إنهم مخاطبون بالفروع اعتقاداً وأداءً أي يعذبون في النار على اعتقادهم بعدم الفرضية وعلى عدم أداءهم، وقال جماعة من مشائخ ما وراء النهر: إنهم مخاطبون اعتقاداً لا أداءً فلا يعذبون في جهنم إلا على عدم اعتقادهم الفرضية، وقال جماعة منهم: إنهم ليسوا بمخاطبين اعتقاداً وأداءً فلا يعذبون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015