الباب «الصوم جنة» ، وفي مسند أحمد: أن الرجل يحفظه القرآن في القبر من جانب الرأس، والصوم من جانب اليسار، أقول: إن الجنة تكون في اليد اليسرى، وفيه إن الصدقة تأتي من جانب القدم، والصلاة من جانب اليمين، وكذلك في الأحاديث أن سورة البقرة في المحشر تكون كالظلة على الرأس فذخيرة الأحاديث تدل على ما أدعيت، ويستنبط من الأحاديث أن الحوض الكوثر يمد من منبر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الشام، وفي الحديث الذي «منبري على الحوض» ورواية «في الجنة» إلخ شرحه هذا المذكور، وفي الحديث الصحيح: «بين منبري وقبري روضة من رياض الجنة» أقوال كثيرة في الشرح، والمختار هاهنا أن الموجودة الآن قطعة من الجنة لا أن هذه القطعة ترفع إلى الجنة، وإن قيل: إن في الأحاديث يكون الوعيد بالنار على ذنوب والوعد بالجنة على حسنات، مثل حديث الباب وغيره بلا شرط وقيد، وتأول فيه المتأولون بأن المراد بالوعيد يكون المستحل أو المُصِّر على الفعل، فيجب في مثل هذه الأحاديث ذكر القيود والشروط فإنها بظاهرها غير مستقيمة المراد وتأول فيه المتأولون ومرادها على ظواهرها، وأقول: إن الأصل أن المذكور في الأحاديث في عالم التشريع المفردات مثل التذكرات في كتب الطب، وأما في المحشر فيركب المفردات ويؤخذ الحكم الخارج من الاجتماع مثل القرابادين في الطب، فعلى هذا من ذكر خواص شيء واحد في التذكرة فتخلف خاصة ذلك الشيء في موضع من المواضع بسبب مانع لا يقول أحد: إن هذا القائل الذي ذكر خاصة ذلك الشيء كاذب فإن تخلف الأثر إنما كان بسبب مانع وذكر الموانع في التذكرة ليس موضوع التذكرة، وكذا المذكور في التشريع ليس إلا حكم المفردات ولا يتعرض إلى الموانع، وأما القرابادين فتكون في الحشر فإذن لا تؤول بما تأول المتأولون، بل يعمل على الظاهر.
قوله: (الصلاة برهان إلخ) أي حجة فإن الإيمان أمر قلبي مستور لا يمكن الاطلاع عليه إلا بالانقياد الظاهري.
قوله: (الصدقة إلخ) في الحديث الصحيح: «أن البلاء تنزل من السماء والصدقة تصعد إلى السماء فتتنازعان إلى قيام القيامة» .
قوله: (نبت من سحت) إلخ السحت الحلق، ويطلق في الشريعة على المال الحرام لأنه يحلق الدين.