العرش للذهبي (صفحة 317)

في تواليفه، ورحلوا إليه بسببها، وتداولوها قراءة ونسخاً وسماعاً"1 ولا غرابة في ذلك فالإمام الذهبي بلغ منزلة عالية ودرجة رفيعة بسبب ما حباه الله من صفات وخصائص علمية تميز بها.

واسمع إلى وصف بعض تلاميذه له -وهو صلاح الدين الصفدي- حيث قال: "محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز، الشيخ الإمام العالم العلامة الحافظ، أبو عبد الله الذهبي، حافظ لا يجارَى، ولافظ لا يبارى، أتقن الحديث ورجاله، ونظر علله وأحواله، وعرف تراجم الناس، وأزال الإبهام في تواريخهم والإلباس، مع ذهن يتوقد ذكاؤه، ويصح إلى الذهب نسبته وانتماؤه، جمع الكثير، ونفع الجم الغفير، وأكثر من التصنيف ووفر بالاختصار مؤونة التطويل في التأليف". إلى أن قال: "ولم أجد عنده جمود المحدثين، ولا كوذنة - (أي بلادة) - النقلة، بل هو فقيه النظر، له دربة بأقوال الناس، ومذاهب أئمة السلف، وأرباب المقالات. وأعجبني ما يعانيه في تصانيفه من أنه لا يتعدى حديثاً يورده حتى يبين ما فيه من ضعف متن، أو ظلام إسناد، أو طعن في رواةٍ، وهذا لم أر غيره يعاني هذه الفائدة فيما يورده"2.

وإمامة الذهبي في هذا الشأن لا يختلف فيها اثنان، ولذلك قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015