هذا التاريخ يبدأ استقلال صقلية السياسي، وفيه يبدأ الشعر الصقلي حياته الصحيحة، وقد كان أبو القاسم يعيش حياة مثالية إذ قضى عمره في الجهاد بقلورية (كالابريا) وصدفت نفسه عن متاع الدنيا فأوقف كل ما يملك على فقراء شعبه. وبحق لقب بالشهيد لما قتل في غزاته الخامسة، وكانت له في نفوس أعدائه صورة مهيبة لرجل يزن كلامه ويحكم أجوبته (?) وربما كانت هذه السيرة الفاضلة ذات أثر في استقلال الشعر بحدود صقلية وعد انسياحه بالعواطف إلى ما وراءها. ومع ذلك فإن الشعر الذي وصلنا يتحدث عن صمصام الدولة ويشيد ببطولة وشجاعته، ويكاد ينسى أبا القاسم إلا قليلاً.
وفي الطبقة الأولى من شعراء هذه الفترة علي بن الحسن بن أبي سعيد القاضي وسهل بن مهران مادح أبي القاسم وهو يوصف بأنه من المطيلين المحسنين والمداح المجيدين (?) وأبو إسحاق إبراهيم بن مالك المعافري القاضي.
فإذا بلغنا عهد الأمير يوسف ثقة الدولة وجدنا صقلية قد أصبحت حافلة بالشعراء من أهلها والطارئين عليها. ز فمن أهلها محمد بن أحمد أبو عبد الله الصقلي صاحب ديوان الإنشاء بصقلية، وهو الذي رثى ثقة الدولة بقصيدة مطلعها (?) :
حنانيك ما حي على الدهر يسلم ... ومنهم الحسن بن محمد الطوبي الذي كان ملازماً لثقة الدولة (?) ، ومحمد بن الحسين بن القرقودي (?) والمشرف بن راشد (?) .
وبعد ثقة الدولة نلتقي تلك الأسماء الكثيرة، وهي أسماء الشعراء الذين عاشوا